للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك أيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ، فهذه أيضاً شهادة لأهل بدر، وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر، وأهل بيعة الرضوان ألف وأربعمائة وزيادة. كل هؤلاء زكاهم الله تعالى، وزكاهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وهناك أيضاً التزكية العامة في قوله تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان زيادة رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) (التوبة:١٠٠) ، فهذه الآية دخل فيها ثلاثة أقسام من الصحابة: المهاجرون، والأنصار، والذين جاءوا من بعدهم واتبعوهم بإحسان -دخلوا في هذا الوعد، والله تعالى لا يخلف وعده. هذا فيما يتعلق بالشهادة بالجنّة لمن شهد له الله، أو شهد له النبي صلى الله عليه وسلم.

أما الشهادة بالنار لمعين؛ فلا تجوز أيضاً إلا لمن ورد فيه النص، فقد ورد النص مثلاً في أبي لهب (سيصلى ناراً ذات لهب) (المسد:٣) ، وكذلك في أبي جهل لما قتل أخذ النبي صلى الله عليه وسلم يوبخه هو ومن معه ويقول: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً) ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في أبي طالب أنه (في ضحضاح من نار) والحاصل أن من ورد النص بأنه من أهل النار يُشهد له بذلك.

وأما الذين معهم معاص وذنوب، ولكن تلك الذنوب لا تصل إلى حد الكفر، فإننا لا نكفرهم بهذه الذنوب -كما تقدم- ولا نخرجهم من الإسلام بذنوبهم، بل نخاف على المذنب - ونقول: هؤلاء يخاف عليهم من الذنوب- ولو كانت من الصغائر، ونرجو للمحسنين - ولو كان معهم سيئات، ونخاف على المذنبين- ولو كان لهم حسنات. وخوفنا ورجاؤنا لا نحققه؛ فلا نجزم بأن هذا من أهل النار لأنه عمل هذه السيئات، ولا نجزم بأن هذا من أهل الجنّة لأنه عمل هذه الصالحات، بل الحسنات والسيئات من أسباب دخول الجنّة أو دخول النار.