أما الجهاد والحج مع الأئمة؛ فإن هذا أيضاً من جملة عقيدة المسلمين، ويستدل على ذلك بهذا الحديث الذي رواه أبو داود وغيره، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الجهاد ما ضٍ مع كل بر وفاجر حتى يقاتل آخرٌ الأمة الدجال، وأنه لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل.
يعني أن الأمة عليهم أن يجاهدوا من كفر بالله ومن خرج عن الإسلام -ولو كان ذلك القائد أو الأمير أو الوالي عاصياً أو فاسقاً أو مخلاً بشيء من العبادات والطاعات، فإن الجهاد معه فيه نصرٌ للإسلام والمسلمين.
وكذلك الحج؛ فكثيراً ما يكون تحت ولاية بعض الأمراء والعصاة، فيصح الحج مع كل أمير براً كان أو فاجراً، وسبب ذلك أنهم في القرون الماضية كانوا لا يحجون إلا مع أمير يكون على الحجاج ويجتمعون حوله ليأمنوا من قطاع الطريق، ففي الطريق أعراب يقطعون الطريق إذا كان الحجاج متفرقين ليس معهم من يجتمعون معه. فيخرج الحجاج مثلاً من العراق والبحرين والأحساء وما حولها كلهم يجتمعون ويصير عليهم أمير، ويتوجهون إلى الحجاز، ففي أثناء الطريق إذا كانوا متفرقين تقوم عليهم الأعراب وتقاتلهم وتسلبهم رواحلهم وأمتعتهم، فإذا كان معهم أمير يجتمعون عليه هابه الأعراب ولم يقدروا على قتاله، فمن أجل ذلك نقول: إن الحج معه ولو كان عاصياً فيه خير.
فقد يوجد من أمراء الجيوش وأمراء الحجاج من يشرب الخمر، أو يسمع الأغاني ونحوها، أو يؤخر الصلاة عن وقتها كصلاة العصر مثلاً، وما أشبهها، فيقول بعضهم: كيف نحج مع هذا الذي يشرب الخمر؟ نقول: ما دام أن فيه مصلحة وأن فيه نفعاً للمسلمين، حيث يأمنون معه على أنفسهم وعلى مناسكهم، وعبادتهم؛ فإن هذا خير، ووجوده خير من عدمه. مع أن الغالب أن أمير الحاج يكون من المتمسكين والعابدين وأهل الخير والصلاح، أو من العلماء العباد.