وهكذا يقال في الجهاد: الأمير الذي يكون على المجاهدين غالباً يكون من أهل الخير والصلاح، ولا شك أن فيه منفعة ومصلحة للمسلمين، وذلك لأن الجهاد فيه إعلاء لكلمة الله تعالى، وفيه رفع للإسلام وإعزاز له.
والغالب أنه إذا كان أميره حازماً شديد البأس قوي التفكير؛ أنه يكون أحزم للجيش وأضبط له، فإنه يحيطهم برعايته ويراقبهم، ويعرف لهم الأماكن التي يسكنون فيها وينزلون فيها، ويدبرهم أحسن تدبير، فينتصرون على عدوهم ويظفرون على من قاتلهم، ويكون ذلك الحازم سبباً في انتصار الإسلام والمسلمين، فإذاً نقاتل معه، ولو حصل منه بعض الخلل ولو ارتكب بعض الذنوب، فإن وجوده خير من عدمه وخير من أن يتفلتوا ويتفرقوا فيظفر بهم الأعداء.
إذاً فالجهاد ما ض خلف كل أمير ومع كل أمير، والحج ماض خلف كل أمير ومع كل أمير؛ براً كان أو فاجراً للمصلحة العامة. ويستثنى من ذلك إذا كان كافراً لقوله صلى الله عليه وسلم:(إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) ، فلا يجوز أن يمكن الكافر الذي أعلن كفره من الغزو مع المسلمين ولو كان قد يقاتل حمية مع المسلمين أو عصبية أو نحو ذلك، لأن الكافر لا يجوز اقراره أو اقرار ولا يته على المسلمين، لأنه لا يُؤمن أن يكون كيده على المسلمين، أما إذا كان عاصياً -مجرد معصية- فالمعاصي والكبائر ونحوها لا يخرج بها صاحبها من الإسلام، بل هو باق على دينه.
وحيث إننا في هذه الأزمنة قد اختلفت الأحوال بالنسبة إلى الحج، فأمنت الطرق -والحمد لله- فصار كل يحج من جهته، ولا يحتاجون إلى أن يكون هناك أمير يجمع الجويش أهل الجنوب من جهتهم، وأهل الشمال من جهتهم، وأهل الشرق، وأهل الغرب، يأتون من طرق مختلفة في البواخر وفي الطائرات وفي السيارات من كل جهة ولا يحتاجون إلى وال.