للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم خرج بعدهم (المعتزلة) في آخر حياة الحسن البصري، وأولهم واصل بن عطاء الذي ادعى أن العاصي ليس بكافر ولا مسلم بل في منزلة بينهما، واعتزل مجلس الحسن وصار يقرر مذهبه بزاوية من المسجد، وصار الحسن إذا جاءه من يستشيره، أو رأى من أحد بدعة أشار إليه وقال: عند أولئك المعتزلة، اعتزلنا واصل، فمن ثم سُمّوا بالمعتزلة.

وانتشر مذهبهم إلى الآن، وطبعت لهم مؤلفات، وممن اعتنق مذهبهم القاضي عبد الجبار صاحب الكتاب المشهور: (المغني) الذي هو من أشهر كتبهم، مطبوع في نحو أربعة عشر مجلداً، وله مؤلفات أخرى في تقرير مذهبهم.

وقد ذكرنا أن مذهبهم يدور على خمسة أشياء:

- التوحيد: الذي هو نفي الصفات.

- والعدل: الذي هو نفي قدرة الله لأفعال العباد.

- والمنزلة بين المنزلتين: التي هي أن العاصي ليس بمؤمن ولا كافر.

- وإنفاذ الوعيد: الذي هو تخليد العصاة في النار.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الذي هو الخروج على الأئمة. هذا مذهبهم الباطل.

وممن اعتنق مذهبهم من مشاهير اللغويين (الزمخشري) صاحب التفسير المشهور بالكشاف، فإنه معتزلي مبالغ في الاعتزال، ضمّن تفسيره عقيدة الاعتزال.

ثم خرجت بعدهم (الجهمية) : ولكن مذهبهم تفرق في عدة فرق، فمن مذهبهم تعطيل الله تعالى عن صفات الكمال، فإنهم نفوا الصفات كلها، بل بالغوا في النفي حتى جعلوها كلها مجازاً، وهم الذين يحذر السلف رحمهم الله -كثيرا- من الانخداع بهم.

ثم إن الجهم الذي تنسب إليه هذه الطائفة اجتمعت فيه ثلاث بدع عقدية هي:

- التعطيل: وهو نفي الصفات.

- والإرجاء، فهو رأس المرجئة، وهو أولهم إذ يقول: لا يضر مع الإيمان ذنب. إذا كنت مؤمناً فاعمل ما شئت من الذنوب. ويقول قائلهم:

فكثر ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم