لَا شكّ أَن هَذَا عمل لَيْسَ من السهولة بِحَيْثُ يَسْتَطِيع الْقيام بِهِ رجل وَاحِد أَو رجلَانِ لَا سِيمَا إِذا كَانَ مَشْغُولًا بالسعي لطلب الرزق لَهُ وَلمن يعول. بل لَا بُد من توافر جهود المثير من الْمَعْنيين بدراسة التَّارِيخ مِمَّن عِنْدهم الاستعداد النَّفْسِيّ والوعي الفكري والثقافي، والنضج العلمي، وتفريغهم لهَذَا الْعَمَل الْهَام جدا، وَالَّذِي ستتعمق معرفتنا لأهميته كلما أدركنا مدى خطورته بِالنِّسْبَةِ لنا ولمستقبل أمتنَا..وَلَيْسَ من الضَّرُورِيّ طبعا أَن يجْتَمع الْعدَد الْمَطْلُوب فِي مَكَان وزمان وَاحِد، فَإِن حصل هَذَا فَذَلِك غَايَة النهى فِي هَذَا الْمطلب الْعَزِيز، وَإِن لم يتوفر فحسبنا أَن نشق الطَّرِيق أَو نمشي بضع خطوَات أَو نقطع مرحلة مِنْهُ تاركين لمن يَأْتِي بَعدنَا مُتَابعَة السّير فِي طَرِيق شقّ وبدئ السّير فِيهِ حَتَّى يصل الْمُسلمُونَ بِإِذن الله - تَعَالَى - إِلَى هَذِه الْغَايَة المرجوة من كِتَابَة تاريخهم الإسلامي وتاريخ الْعَالم كَمَا يجب أَن يكْتب بأيدي مسلمة أمينة وَاعِيَة. وأليس تقصيراً من الْمُسلمين يخْشَى أَن يَكُونُوا آثمين فِيهِ أَن ينْهض أعداؤهم لكتابة تاريخهم الإسلامي وصياغته وفْق أغراضهم، والمسلمون ينظرُونَ، أَو يقتفون آثَارهم وتنطبع فِي أذهان أبنائهم وأجيالهم وذراريهم الصُّور المشوهة الَّتِي أرادها أعداؤنا عَن سلفنا الصَّالح وعظمائنا، مِمَّا دفع الْكثير من أَبنَاء الْمُسلمين أَن يستحيوا من الانتساب إِلَى تاريخهم وسلفهم الصَّالح ويتجملوا بتقليد أعدائهم؟.
إِن إِعَادَة كِتَابَة تاريخنا الإسلامي أَمر يحْتَاج إِلَى جهود ضخمة، هَذَا صَحِيح وَلَكِن أَي جهد صَادِق واع خلص لله - سُبْحَانَهُ - يبْذل فِيهِ لَا بُد أَن يُؤْتِي ثماره الطّيبَة بِإِذن الله تَعَالَى وَلَو بعد حِين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute