للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يُلْحِقَ برمضان ما ليس منه أهلُ الجهالة والجفاء، لو رأوا في ذلك خفَّةً على أهل العلم (١) ورأوهم يعملون ذلك".

أقول: قوله: "في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان" ظاهره أن المراد عقب الفطر، بأن يصام ثاني شوال إلى سابعه، ويشهد له قوله بعد ذلك: "وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء"، فإن توهُّمَ العامة أن حكمها حكم رمضان في الفرضية إنما يقرب إذا صِيْمتْ عقبَ الفطر.

وعلى هذا حمل كثير من المالكية كلام مالك، قال القاضي عياض المالكي: "ويحتمل أنه إنما كره وصلَ صومها بيوم الفطر، وأما لو صامها في أثناء الشهر فلا، وهو ظاهر كلامه في قوله: صام ستة أيام بعد يوم الفطر" (٣/ ٢٧٩) (٢).

وسيأتي نحوه عن الباجي وغيره.

وقوله إنه لم ير أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها، ولا بلغه عن أحد من السلف= نفيٌ غير حاصر، لاحتمال أن جماعة منهم كانوا يصومونها ويُخفون ذلك، كما هو المشروع في صيام التطوع.

[ص ١٣] ثم إن كان الكلام في صومها عقب الفطر، فليس فيه نفْي صومهم إياها في أثناء الشهر. وإن كان على إطلاقه فلعلَّ جماعة كانوا


(١) في طبعة محمد فؤاد عبد الباقي: "رخصة عند أهل العلم".
(٢) لعل المؤلف أحال هنا إلى طبعةٍ من "شرح الزرقاني على الموطأ". والنصّ في طبعة دار الفكر منه (٢/ ٢٠٣). وأصله في "إكمال المعلم" (٤/ ١٤٠).

<<  <   >  >>