للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:
مسار الصفحة الحالية:

بالفتوى مِنْهُم سَبْعَة، وَكَانَ هُنَاكَ متوسطون ومقلون فِي الْفَتْوَى ومجموع أهل الْفَتْوَى مِنْهُم مائَة ونيف وَثَلَاثُونَ نفسا.. كَمَا فصل ذَلِك الْحَافِظ ابْن الْقيم رَحمَه الله فِي كِتَابه الْعَظِيم إِعْلَام الموقعين.

فعلى كل من رشح نَفسه ووطد عزمه على النّظر فِي الْأَحْكَام وَمَعْرِفَة الْحَلَال وَالْحرَام، وعَلى الانتصاب للْفَتْوَى وَالِاجْتِهَاد، أَن يُعِدَ هَذِه الأدوات وَيحصل هَذِه المؤهلات، ويشمر عَن ساعد الْجد، ويشحذ الْعَزِيمَة ويسهر اللَّيَالِي.. وَيسْأل ربه عز وَجل على الدَّوَام أَن يَجْعَل لَهُ نورا، فَإِن الْعلم نور يقذفه الله فِي الْقلب كَمَا قَالَ الإِمَام مَالك رَحمَه الله:

"إِن الْعلم لَيْسَ بِكَثْرَة الرِّوَايَة وَلكنه نور يَجعله الله تَعَالَى فِي الْقُلُوب". وَإِنَّمَا سطرت هَذِه الأسطر فِي هَذَا الشَّأْن الخطير وَالْأَمر الْعَظِيم بِقصد استنفار الهمم لعلم الشَّرِيعَة وَالْفِقْه، ولفت الأنظار إِلَى المصدرين الأساسيين لذَلِك الْكتاب وَالسّنة، وتنبيه الأفكار لطريقة الْوُرُود والاستقاء، وَالْأَخْذ والإعطاء.

وَبعد ذَلِك كُله الشَّفَقَة على نَفسِي وعَلى المتعلمين من أَن ينطبق على حَالنَا قَول إمامنا الْأَعْظَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

"إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه من الْعباد وَلَكِن يقبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يُبق عَالما اتخذ النَّاس رؤوساً جُهَّالًا فسُئلوا فأفتوا بِغَيْر علم فضلوا وأضلوا" ١.


١ رَوَاهُ البُخَارِيّ.

<<  <