للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطناً بكل مصيبة في ماله ... فإذا أصيب بدينه لم يشعر

فسل الفقيه تكن فقيهاً مثله ... من يسعَ في أمر بفقه يظفر

وقد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: حسن الهدى في آخر الزمان خير من كثير من العمل، وقال في وصف زمانه باليقين وفي وصف زماننا بالشك فقال: إنكم في زمان خيركم في المسارع في الأمور وسيأتي بعدكم زمان يكون خيرهم فيه المتثبت المتوقف يعني لكثرة الشبهات، وقال حذيفة رضي الله عنه: أعجب من هذا قال إن معروفكم هذا منكر زمان قد مضى، وإن منكركم معروف زمان قد يأتي وإنكم لن تزالوا بخير ما عرفتم الحق، وكان العالم فيكم غير مستخف وكان يقول أيضاً: يأتي في آخر الزمان قوم يكون العالم فيهم بمنزلة الحمار الميت لا يلتفتون إليه يستخفي المؤمن فيهم كما يستخفي المنافق فينا اليوم المؤمن فيهم أذل من الأمة، وفي حديث علي كرّم الله وجهه يأتي على الناس زمان ينكر الحق تسعة أعشارهم لا ينجو منهم يومئذ إلا كل مؤمن نومة يعني صموتاً متغافلاً أولئك مصابيح العلم وأئمة الهدى وليسوا بالمذاييع البذر يعني المتكلمين كثيراً المتظاهرين بالكلام افتخاراً، وفي خبر: يأتي على الناس زمان من عرف فيه الحق نجا قيل فأين العمل؟ قال: لا عمل يومئذ لا ينجو فيه إلا من هرب بدينه من شاهق إلى شاهق وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: يأتي على الناس زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا وفي بعضها بعشر ما يعلم، وعن بعض الصحابة أنتم اليوم في زمان من ترك منكم عشر ما يعلم هلك ويأتي عيلكم زمان من علم فيه بعشر ما يعلم نجا، وقال بعض الخلفاء: يأتي عليكم زمان يكون أفضل العلم الصمت وأفضل العمل النوم يعني لكثرة المنافقين بالشبهات فصار الصمت للجاهل علماً ولكثرة العاملين بالشهوات فصار النوم عبادة البطال ولعمري إن الصمت والنوم أدنى أحوال العالم وهما أعلى أحوال الجاهل وكان يونس بن عبيد يقول أصبح اليوم من يعرف السنة غريباً وأغرب منه من يعرفه يعني طريقة السلف، يقول: فمن يعرفه عرف طريق من مضى وهو غريب أيضاً لأنه قد عرف غريباً، وقال حذيفة المرعشي: كتب إلى يوسف بن أسباط ذهب الطاعة ومن يعرفها وكان أيضاً يقول ما بقي من يؤنس به.

وقال: ما ظنك بزمان مذاكرة العلم فيه معصية قيل ولم ذلك؟ قال: لأنه لا يجد أهله وقد كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: إنكم لن تزالوا بخير ما أحببتم خياركم وقيل فيكم الحق فعرف ويل لكم إذا كان العالم فيكم كالشاة النطيح، وقد كان للمتقدمين علوم يجتمعون عليها ويتفاوضونها بينهم قد درست في زماننا وكان للصالحين معان وطرائق يسلكونها ويسألون عنها قد ذهبت في وقتنا وكان لليقين والمعرفة مقامات وأحوال يتذاكرها أهلها ويطلبون أربابها قد عفت آثارها عندنا لقلة

<<  <  ج: ص:  >  >>