خَاصٌّ مِنْ نَسِيبٍ أَوْ مُعْتِقٍ، وَشُرِطَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَاضٍ، وَحَكَى صَاحِبُ الْعُدَّةِ الْقَاضِي أَبُو الْمَكَارِمِ الطَّبَرَيُّ ابْنُ أُخْتِ الرُّويَانِيِّ وَجْهَيْنِ فِي اشْتِرَاطِهِ. وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُفَرَّقُ فِي التَّحْكِيمِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ أَمْ لَا، وَإِذَا رُفِعَ حُكْمُ الْمُحَكِّمِ إِلَى الْقَاضِي، لَمْ يَنْقُضْهُ إِلَّا بِمَا يُنْقِضُ قَضَاءَ غَيْرِهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ فِي أَحْكَامٍ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالتَّوْلِيَةِ.
يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ الْقَاضِي فِي كُلِّ بَلْدَةٍ وَنَاحِيَةٍ خَالِيَةٍ عَنْ قَاضٍ، فَإِنْ عَرَفَ حَالَ مَنْ يُوَلِّيهِ عَدَالَةً وَعِلْمًا، فَذَاكَ، وَإِلَّا أَحْضَرَهُ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعُلَمَاءِ لِيَعْرِفَ عِلْمَهُ، وَيَسْأَلَ عَنْ سِيرَتِهِ جِيرَانَهُ وَخُلَطَاءَهُ، فَلَوْ وَلَّى مَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهُ، لَمْ تَنْعَقِدْ تَوْلِيَتُهُ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَوْنَهُ بِصِفَةِ الْقُضَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ نَصْبَ الْقَاضِي إِلَى وَالِي الْإِقْلِيمِ وَأَمِيرِ الْبَلْدَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَجْعُولُ إِلَيْهِ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَكَيْلٌ مَحْضٌ، وَكَذَا لَوْ فَوَّضَ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتِيَارَ قَاضٍ، ثُمَّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَالِدَهُ وَلَا وَلَدَهُ، كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ.
وَلَوْ قَالَ لِأَهْلِ بَلَدٍ: اخْتَارُوا رَجُلًا مِنْكُمْ، وَقَلَّدُوهُ الْقَضَاءَ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْلِيَةِ تَعْيِينُ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ مِنْ قَرْيَةٍ، أَوْ بَلْدَةٍ، أَوْ نَاحِيَةٍ، وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَوْلَى، فَلَوْ قَالَ: وَلَيْتَ أَحَدُ هَذَيْنِ أَوْ مَنْ رَغِبَ فِي الْقَضَاءِ بِبَلْدَةِ كَذَا مِنْ عُلَمَائِهَا، لَمْ يَجُزْ.
وَلَوْ قَالَ: فَوَّضْتُ الْقَضَاءَ إِلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَهَذَا نَصْبُ قَاضِيَيْنِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْقَاضِي الْمَاوَرْدِيِّ: إِنَّ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ تَنْعَقِدُ بِمَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْوِكَالَةُ، وَهُوَ الْمُشَافَهَةُ بِاللَّفْظِ، وَالْمُرَاسَلَةُ، وَالْمُكَاتَبَةُ عِنْدَ الْغَيْبَةِ، وَيَجِئُ فِي الْمُرَاسَلَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ خِلَافٌ كَمَا سَبَقَ فِي الْوِكَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ الصِّحَّةَ كَمَا ذَكَرَهُ. وَفِيهِ أَنَّ صَرِيحَ اللَّفْظِ: وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ، وَاسْتَخْلَفْتُكَ، وَاسْتَنَبْتُكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ التَّفْوِيضَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، كَقَوْلِهِ: اقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، أَوِ احْكُمْ بِبَلْدَةِ كَذَا، وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute