وَالْوَاقِع أَن الدُّنْيَا لم تكن تَسَاوِي عِنْده شَيْئا فَلم يكن يهتم لَهَا. ومنذ وجوده فِي المملكة وصلته بالحكومة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا لم يطْلب عَطاء وَلَا مُرَتبا وَلَا ترفيعاً لمرتبه وَلَا حصولاً على مُكَافَأَة أَو علاوة. وَلَكِن مَا جَاءَهُ من غير سُؤال أَخذه وَمَا حصل عَلَيْهِ لم يكن ليستبقيه بل يوزعه فِي حِينه على المعوزين من أرامل ومنقطعين وَكنت أتولى توزيعه وإرساله من الرياض إِلَى كل من مَكَّة وَالْمَدينَة. وَمَات وَلم يخلف درهما وَلَا دِينَارا وَكَانَ مستغنياً بعفته وقناعته. بل إِن حَقه الْخَاص ليتركه تعففاً عَنهُ كَمَا فعل فِي مؤلفاته وَهِي فريدة فينوعها. لم يقبل التكسب بهَا وَتركهَا لطلبة الْعلم.
وسمعته يَقُول: لقد جِئْت معي من الْبِلَاد بكنز عَظِيم يَكْفِينِي مدى الْحَيَاة وأخشى عَلَيْهِ الضّيَاع. فَقلت لَهُ وَمَا هُوَ قَالَ القناعة. وَكَانَ شعاره فِي ذَلِك قَول الشَّاعِر: