تلاشت من ذهني كل مَعَاني الْكِتَابَة أَمَام تِلْكَ الشخصية المثالية تراجعت بَعيدا عَن ميادين الْكِتَابَة عَنهُ.
وَلَكِن إِذا كَانَ كل كَاتب لَا يَسْتَطِيع تقييم كل شخصية تقييماً حَقِيقِيًّا يدل على الشَّخْص دلَالَة مطابقية وَفِي أسلوب الْمُسَاوَاة، لَا موجزاً وَلَا مطنباً، إِذا كَانَ هَذَا حَال كل كَاتب مَعَ كل شخص.
وَقد وجدت مِنْهُ رَحْمَة الله الْعِنَايَة وَالرِّعَايَة كَأحد أبنائه كأشد مَا يرْعَى الْوَالِد وَلَده، وَقد أجد مِنْهُ الإيثار على نَفسه فِي كثير من أحيانه مِمَّا يطول ذكره وَلَا يُنسى فَضله.
وأعز من الإيثار مَا منحني من الْعُلُوم والْآثَار، والتوجيه الأدبي وَالْفضل الخلقي والسمو النَّفْسِيّ فِي مجالسه وَأَحَادِيثه ودروسه من غير مَا حد وَبِدُون تقيد بِوَقْت إِذْ كَانَ رَحمَه الله كل مجالسه مجَالِس علم وكل أَحَادِيثه أَحَادِيث أدب وتوجيه، وَلم يكن يحْتَاج إِلَى تحضير لدرس وَلَا مُرَاجعَة لجواب على سُؤال.
وَلم يكن لي مَعَه رَحمَه الله من وَقت معِين مَعَ كَثْرَة الإخوان الدارسين عَلَيْهِ المقيمين مَعَه فِي بَيته إِلَّا وَقت وَاحِد هُوَ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء لمُدَّة سنتَيْن دراسيتين وَنحن بالرياض، قَرَأت فِي خلالها تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة.
كَانَت تِلْكَ الدراسة عَلَيْهِ رَحمَه الله هِيَ رَأس مَالِي فِي جلّ تحصيلي وَعَلَيْهَا أساس دراستي الْحَقِيقِيَّة سَوَاء فِي المقررات أَو غَيرهَا، لِأَن فِيهَا جَمِيع أَبْوَاب