فاختياره هنا غير اختياره في "شرح سنن أبي داود"، ونقل المناوي في "فيض القدير" (٢/ ٦٦٩) القولين وعزاهما للكتابين، ونبَّه على ذلك. قلت: ويشهد لاختياره في "شرح صحيح مسلم": ما عند أصحاب "السنن" من رواية الحكم بن سفيان الثقفي أو سفيان بن الحكم عن أبيه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ثم أخذ حفنة، فانتضح بها. وانظر "صفوة الزبد" (ق ٣٠/ ٢). (١) أخرجه البخاري (٥٩١٧)، ومسلم (٢٣٣٦)، وأحمد (١/ ٢٤٦)، وأبو يعلى (٢٣٧٧)، وابن سعد (١/ ٤٢٩ - ٤٣٠)، وابن أبي شيبة (٨/ ٤٤٩ - ٤٥٠) وغيرهم من حديث ابن عباس. (٢) قال في "شرح صحيح مسلم" (١٥/ ٤٨٢): "والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق وأن الفرق أفضل"، وبنحوه في "المجموع" (١/ ٢٩٥) وقال مالك: "فرق الرأس للرجال أحب إليّ"، كذا في "المنتقى" (٧/ ٢٦٨) للباجي. وقال ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص ٨٢) بعد كلام: "ولهذا صار الفرق شعار المسلمين، وكان من الشروط المشروطة على أهل الذمة أن لا يفرقوا شعورهم"، وكشف ابن حجر في "الفتح" (١٠/ ٣٦١) عن سر هذا التحويل، فقال: "وكان السر في ذلك أن أهل الأوثان أبعد من الإيمان من أهل الكتاب؛ ولأن أهل الكتاب يتمسكون بشريعة في الجملة، فكان يحب موافقتهم ليتألفهم ولو أدت موافقتهم إلى مخالفة أهل الأوثان، فلما أسلم أهل الأوثان الذين معه والذين حوله، واستمر أهل الكتاب على كفرهم تمحضت المخالفة لأهل الكتاب". =