للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظام ملاك العمل والحزم مساك النظام *

الابتعاث عمل جديد من أعمال جمعية العلماء، وهو- في ظاهره الذي يراه الناس- نتيجة لازمة لتقدم الحركة التعليمية التي تديرها الجمعية، وتشبعها واتساعها واحتياجها إلى كفاءات علمية تباشرها، وكفاءات فنية تديرها، أما في واقعه وحقيقته المستمدة من روح جمعية العلماء ومبادئها- فهو تفسير عملي لقوله تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

جمعية العلماء ليست حكومة تبعث البعثات لتسد بهم- بعد الرجوع- حاجتها فى الوظائف التي يقوم عليها الجهاز الحكومي الآلي، فلا تشترط على تلميذ صناعة ما إلا أن يرجع إليها بشهادة في تلك الصناعة، وإنما جمعية العلماء جمعية دينية قبل كل شيء، وبعد كل شيء، تبتديء بالدين وتنتهي إلى الدين، وتنقلب بين البداية والنهاية في الدين، حتى لو كان الدين حرفة ووظيفة لقلنا وقال الناس: إن حرفتها ووظيفتها الدين، آية ذلك وصفها: (جمعية العلماء المسلمين) فهذا الوصف هو الجزء الذاتي الأكبر من حقيقتها، وليس قيدا لاخراج العلماء غير المسلمين، والجزآن معاهما حقيقتها الكاملة، وآية أخرى أربعح وزنا وأعدل شهادة على أن الجمعية جمعية دينية، هي أن الدافع الوحيد لنشأتها هو تصميم الاستعمار الفرنسي على محو الإسلام من الجزائر، فكان من خيرة الله لدينه وغيرته عليه أن حرك لحمايته عقولا سددها وعزائم شددها، ونفوسا ملأها خشية منه، وغيرة على حرماته واستقامة على سننه في الدين والكون، وأرواحا أشرق عليها بنوره، أولئك هم رجال جمعية العلماء الذين رفعوا منارها، وأعلوا على صخرة الدين جدارها، وأولئك الذين تقاسموا على إحياء الإسلام أو الموت دونه، {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.


* «البصائر»: العدد ٢٨٤ - السنة السابعة من السلسلة الثانية- ١٠ سبتمبر ١٩٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>