ولاسيما موسوعة الْعَلامَة الْكَبِير أبي مُحَمَّد بن حزم الْمُسَمَّاة بالإيصال، لَا شكّ أَن هَذِه الموسوعة موسوعة عَظِيمَة وَإِن لم تُوجد، فقد بَقِي وَوجد مختصرها الَّذِي يدل على علم الْمُؤلف الْوَاسِع وَعظم عنايته وسعة اطِّلَاعه.
وَإِنِّي أؤيد فَضِيلَة الْأُسْتَاذ فِيمَا ذكر من الاقتراح ومسيس الْحَاجة إِلَى معاجم مُتعَدِّدَة لفقه الْإِسْلَام وَإِن الْحَاجة ماسة بل شَدِيدَة جدا إِلَى جمع أَقْوَال عُلَمَاء الْإِسْلَام من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة الْأَعْلَام رضوَان الله عَلَيْهِم جَمِيعًا. وَإِن إِيجَاد معاجم لفتاواهم وأحكامهم لَيْسَ ذَلِك وَاجِبا فَقَط وَإِنَّمَا ذَلِك مُفِيد جدا وَنَافِع كثيرا، وَقد أَجَاد فضيلته فِي بَيَان حَاجَة النَّاس لذَلِك وَإِن هَذَا القانون وَهَذِه المعاجم سَوف تفِيد الْعَالم كُله الإسلامي وَغير الإسلامي وحاجة الْمُسلمين أنفسهم إِلَى تراثهم الْعَظِيم على نقاوته وصفائه من معادنه لَا شكّ حَاجَة عَظِيمَة، وَمن استبعد وجود ذَلِك وَإِمْكَان ذَلِك فَإِنَّمَا ذَلِك من عدم الْعِنَايَة بِهَذَا الْأَمر والتدبر لَهُ والتفكير فِيهِ تفكيرا جدَّيا، وَإنَّهُ كَمَا قَالَ الْأُسْتَاذ لَيْسَ بعسير وَلَا مُسْتَحِيل، بل مُمكن إِذا فُرِّغ لَهُ الْعلمَاء المتبصرون والمتحمسون لهَذِهِ الفكرة فَإِن الْحُصُول عَلَيْهِ وَإِمْكَان جمعه أَمر مُمكن بِلَا شكّ، وَإِنِّي أقترح أَن يكون ذَلِك من طَرِيق تكوين لجنة من أهل الْعلم المتبصرة فِي الْفِقْه الإسلامي مِمَّن يفرغون فِي مَكَان وَاحِد ليجمعوا هَذِه المعاجم بادئين بِفقه الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وأرضاهم ثمَّ التَّابِعين وَهَكَذَا وَفِي الْإِمْكَان أَيْضا أَن يتشاوروا ويدرسوا الْمَوْضُوع دراسة جدية على ضوء الدراسات السَّابِقَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا محاضرنا وعَلى الطَّرِيقَة الجيدة الْحَسَنَة الَّتِي سلكت فِي وضع المعاجم كَمَا أَن فِي الْإِمْكَان أَن ينْظرُوا فِي ذَلِك من جِهَة أُخْرَى من جِهَة البدء بمعاجم الصَّحَابَة أَو غَيرهم، كل ذَلِك مُمكن إِذا فرغ لَهُ الْعلمَاء المبصرون المعوَّل عَلَيْهِم فِي الْفِقْه الإسلامي مِمَّن لَهُم سمعة حَسَنَة وَمَعْرِفَة جَيِّدَة فِي هَذَا الْبَاب.
وكما أَن النَّاس فِي حَاجَة إِلَى جمع نُصُوص الْفُقَهَاء والعناية بهَا مرتبَة على أحرف المعجم فَكَذَلِك هم فِي حَاجَة إِلَى تَرْتِيب مَا لم يرتب من أَحَادِيث رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَنشر مَا رتب والعناية بالتصحيح والتضعيف، حَتَّى