للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَنه رأى كتاب الإيصال فِي أَرْبَعَة وَعشْرين مجلدا بِخَط مُؤَلفه ابْن حزم قَالَ: "وَكَانَ خطه فِي غَايَة الإدماج". يُرِيد بالإدماج الْخط الدَّقِيق المرصوص، الَّذِي لَو كتب بِخَط أوسع لأخذ مَسَافَة أكبر ولبلغ مجلدات أَكثر.

وَقَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي سير النبلاء: "كتاب الإيصال فِي خَمْسَة وَعشْرين ورقة".

وَيعْتَبر هَذَا الْكتاب ضائعا بَين مَا ضَاعَ من كنوز وتراث الفردوس الْمَفْقُود: الأندلس.

وَلَكِن إِذا ضَاعَ الإيصال فقد بقيت لنا صُورَة مصغرة عَنهُ وَهُوَ مُخْتَصره لِابْنِ حزم الْمُؤلف نَفسه وأعني بِهِ: كِتَابه الْمحلي وَقد طبع ثَلَاث مَرَّات.

فالمحلي مُخْتَصر الإيصال فِي أحد عشر مجلدا مَاتَ ابْن حزم وَهُوَ يؤلفه وَقد وصل فِيهِ إِلَى ثنايا المجلد الْعَاشِر فأتمه وَلَده الشَّهِيد الْفضل أَبُو رَافع أَمِير ولَايَة مالقة الأندلسية أتم الْعَاشِر وَكتب المجلد الْحَادِي عشر والأخير مِنْهُ، اختصر من الأَصْل الْجَامِع كتاب أَبِيه الإيصال.

وبمعرفتنا للمحلي عرفنَا الإيصال فالمحلي دون مواد قانونية باسم مسَائِل يبلغ عَددهَا (٢٣٠٨) مَسْأَلَة مِنْهَا مَا هُوَ فِي عشر صفحات وَفِي عشْرين، وَفِي ثَلَاثِينَ، وَفِي أَكثر من ثَلَاثِينَ، وَهِي مواد مُسْتَقلَّة أشبه برسائل محررة مُسْتَقلَّة فِي بَابهَا، وصفحاتها (٤٣٨٨) صفحة.

والإيصال فِي خَمْسَة وَعشْرين ألف ورقة كَمَا قَالَ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ: أَي خَمْسُونَ ألف صفحة، وَمعنى هَذَا أَن الْمحلي اختصر فِيهِ الإيصال إِلَى أقل من عشره، وَمعنى هَذَا أَيْضا أَن مسَائِل الإيصال تبلغ (٢٣٠٨٠) مَسْأَلَة وَإِذا كَانَ الْمحلي وَهُوَ الْمُخْتَصر للإيصال قد طبع فِي أحد عشر مجلدا فَمَعْنَى ذَلِك أَن الإيصال إِذا عثر عَلَيْهِ وطبع يخرج فِي أَكثر من مائَة مُجَلد بعدة مجلدات.

والرائد الثَّانِي لتقنين الْفِقْه الشَّهِيد أَبُو الْقَاسِم بن جزي الأندلسي الإِمَام الْمَالِكِي، وَقد عَاشَ بَين عَام (٦٩٣) وعام (٧٤١) فقد وضع كتابا - طبع أَكثر من مرّة - فِي فقه أَئِمَّة الْمذَاهب الْأَرْبَعَة أبي حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَسَماهُ: "القوانين الْفِقْهِيَّة".

والعودة إِلَى تقنين الْفِقْه مَسْأَلَة

<<  <   >  >>