يطلب من صاحب ذلك القبر مالا يقدر عليه إلا الله سبحانه، فيصير في عداد المشركين.
وقد يحصل له هذا الشرك بأول رؤية لذلك القبر الذي صار على تلك الصفة وعند أول زورة له إذ لابد أن يخطر بباله أن هذه العناية البالغة من الأحياء بمثل هذا الميت لا تكون إلا لفائدة يرجونها منه، إما دنيوية أو أخروية، فيستصغر نفسه بالنسبة إلى من يراه من أشباه العلماء زائرا لذلك القبر، وعاكفا عليه ومتمسحا بأركانه.
وقد يجعل الشيطان طائفة من إخوانه من بني آدم يقفون على ذلك القبر، يخادعون من يأتي إليه من الزائرين، يهولون عليهم الأمر، ويصنعون أمورا من أنفسهم، وينسبونها إلى الميت على وجه لا يفطن له من كان من المغفلين. وقد يصنعون أكاذيب مشتملة على أشياء يسمونها كرامات لذلك الميت، ويبثونها في الناس، ويكررون ذكرها في مجالسهم، وعند اجتماعهم بالناس، فتشيع وتستفيض، ويتلقاها من يحسن الظن بالأموات، ويقبل عقله ما يروى عنهم من أكاذيب، فيرويها كما سمعها، ويتحدث بها في مجالسه، فيقع الجهال في بلية عظيمة من الاعتقاد الشركي، وينذرون على ذلك الميت كرائم أموالهم، ويحبسون على قبره من أملاكهم ما هو أحبها إلى قلوبهم، لاعتقادهم أنهم ينالون بجاه ذلك الميت خيرا عظيما وأجرا كبيرا، ويعتقدون أن ذلك قربة عظيمة، وطاعة نافعة، وحسنة متقبلة،