للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا ضاحكته ذرة شمس ... خلته كسرت عليه الحلي

وقال يصف منزلاً:

لا مثل منزلة الدويرة منزل ... يا دار جادك وابل وسقاك

بؤساً لدهر غيرتك صروفه ... لم يمح في قلبي الهوى ومحاك

لم يحل للعينين بعدك منظر ... ذم المنازل كلهن سواك

أي المعاهد منك أندبل طيبه ... ممساك ذا الآصال أم مغداك

أم برد ظلك ذي الغصون ذوي الندى ... أم أرضك الميثاء أم رياك

وكأنما سطعت مجامر عنبر ... أوفت فأر المسك فوق ثراك

وكأنما أيدي الربيع ضحية ... نشرت ثياب الوشي فوق رباك

كأن درعاً مفرغاً من فضة ... ماء الغدير جرت عليه صباك

وقال ابن الرومي:

وماء جلت عن حر صفحته القذى ... من الريح معطار الأصائل والبكر

به عبق مما تسحب فوقه ... نسيم الصبا يجري على النور والزهر

وقال أبو بكر أحمد بن محمد الضبي الصنوبري:

سقى حلباً سافك دمعه ... بطيء الرقوء إذا ما سفك

ميادينها بسطهن الرياض ... وساحاتها وسطهن البرك

ترى الريح تنسج من مائها ... دروعاً مضاعفة أو شبك

كأن الزجاج عليها أذيب ... وماء اللجين بها قد سبك

هي الجو في رقة غير أن ... مكان الطيور تطير السمك

وقد نظم الزهر نظم النجوم ... فمفترق النظم أو مشتبك

كما درج الماء مر الصبا ... ودبج وجه السماء الحبك

يباهين أعلام قمص القيان ... ونقش عصائبها والتكك

وقال أيضاً:

ولقد طربت إلى الفرا ... ت بكل ذي كرم ومجد

والشمس عند غروبها ... صفراء مذهبة الفرند

والماء حاشيتاه خض? ... راوان من آس ورند

تحبوه أيدي الريح إن ... هبت على قرب وبعد

بطرائق من فضة ... وطرائق من لازورد

والسفن كالطير انبرت ... في الجو من مثنى وفرد

حتى إذا جزر الفرا ... ت مضى وأعقبه بمد

ألفيته وكأنه ... ملقى عليه رداء ورد

متململاً كالصب أو ... ذن من أحبته بصد

وكأن ما يخشاه ما ... بحشاي من قلق ووجد

وقال يصف دجلة، وقد طرحت النجوم والبدر أجرامها عليها:

ولما تعالى البدر وامتد ضوؤه ... بدجلة في تشرين بالطول والعرض

وقد قابل الماء المفضض نوره ... وبعض نجوم الليل يقفو سنى بعض

توهم ذو العين البصيرة أنه ... يرى باطن الأفلاك من ظاهر الأرض

ولأهل العصر في هذه المعاني: قال ابن وكيع التنيسي:

خذها بكفي فاتر الجفون ... مدامة كدمعة المحزون

على غدير أملس المتون ... مثل فرند الصارم المسنون

أمواجه كعكن البطون ... ذي زردٍ كالؤلؤ الموضون

كسلخ إيم أو كمسك نون

وقال [أيضاً]

غدير يدرج أمواهه ... هبوب الشمال ومر الصبا

إذا الشمس من فوقه أشرقت ... توهمته جوشناً مذهبا

وقال أيضاً:

سقاني كأس الراح شاطئ جدول ... تداريجه يحكين بطنا معكنا

إذا صافحته راحة الريح خلته ... بتكسيرها إياه ثوباً معينا

وقال علي بن محمد الإيادي التونسي يصف دار البحر:

ولما استطال المجد واستولت البنى ... على النجم وامتد الرواق المروق

بنى قبة للملك في وسط جنة ... لها منظر يزهي به الطرف موتق

بمعشوقة الساحات أما غراسها ... فحضر وأما طيرها فهي نطق

تحف بقصر ذي قصور كأنما ... ترى البحر في أحشائه وهو متأق

لها بركة للماء ملء فضائه ... تخب بقطريها العيون وتعنق

لها جدول فيها كأنه ... حسام جلاه القين بالأرض ملتصق

لها مجلس قد قام وسط مائها ... كما قام في فيض الفرات الخورنق

كأن صفاء الماء فيها وحسنه ... زجاج صفت أحشاؤه فهو أزرق

إذا بث الليل أشخاص نجمه ... رأيت وجوه الماء بالنار تحرق

وإن صافحتها الشمس لاحت كأنها ... فرند على تاج المعز رونق

كأن شرافات المقاصير حولها ... عذارى عليهن الملاء المنطق

يذوب الجفاء الجعد عن وجه مائها ... كما ذاب آل الصحصحان المرقرق

وقال عبد الكريم ابن إبراهيم النهشلي:

<<  <   >  >>