للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جاز تقديم الضمير العائد عليه لأن النية به التقديم، مثله: (فأوجسَ في نفسهِ خيفةً موسى)، وفي الكلام حذف وذلك أنه أراد: لا تجزني بضنى بي ضنى بها أي ضنى يقع بها، فحذف ذلك للعلم به. ومسكوباً لا يجوز أن ينتصب على الحال من دموعي لأن الواحد المذكر لا يكون حالاً من جماعة، لا تقول: طلعت الخيل مترادفاً، ولكن مترادفة. ولو قلت: مترادفات، كان أحسن كما جاء في التنزيل: (أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات). ولو قال: تجزي دموعي مسكوبة، كان حالاً، وإذا بطل انتصاب (مسكوباً) على الحال نصبته على البدل من الدموع، كأنه قال: تجزي دموعي مسكوباً منها بمسكوب من دموعها، فحذف الجارين والمجرورين. وإنما احتيج إلى تقدير (منها) لأن بدل البعض وبدل الاشتمال لا بد أن يتصل بهما ضمير يعود على المبدل منه كقولك: ضربت زيداً رأسه، وأعجبني زيد علمه. ومن بدل الاشتمال المحذوف منه الضمير قو الأعشى:

لقد كان في حولٍ ثواء ثويته ... تقضي لبانات ويسأم سائم

أراد: ثويته فيه. ومعنى البيت أنه بكى عند الفرقة وبكين فجزين دمعه بدمع، فدعا لهن أن لا يجزينه بضناه ضنى، كما جزينه بالدمع دمعاً.

<<  <   >  >>