للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٨٩ - وحدث يوسف المعروف بابن الداية صاحب إبراهيم بن المهدي قال: صار إلى إبراهيم بن المهدي في النصف من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين رجل من ثقاته فأعلمه أنه رأى في المنام كأن في يده رقعة مكتوب فيها: "الطالع الجوزاء ثلاث عشرة درجة" وكأنه دفعها إلى إبراهيم فقرأها وهي تنقرض حتى لم يبق في يده منها شيء، ثم نظر إلى الأرض فلم يجد فيها شيئا مما انقرض! فقال إبراهيم: ينقرض أمر المأمون ولا يلي بعده أحد من ولده، لأن طالعه الدرجة الثالثة عشرة من الجوزاء! فلما مضى أحد وثلاثون يوما على الحديث قدم جعلان التركي على إسحق بن إبراهيم والفضل بن مرزوق بنعي المأمون، وأنه توفي بعد العصر من يوم الخميس السابع عشر من رجب سنة ثماني عشرة ومائتين.

١٩٠ - ذكر حبيب بن إبراهيم البصري قال: حكى بعضهم أنه رأى ليلة الفطر من سنة إحدى وثلثمائة وقد حبس أبو الهيثم بن ثوابة في منامه كأن دارأبي الهيثم مسودة، وفيها جارية سوداء، بيديها عود وهي تضرب وتغني:

أزجر العين أن تبكّي عظيما ... إن في الصَّدرِ لوعةً وهموما

قتلته ملوكُ آلِ أبي العا? ... صِ وقد كانَ سيِّداً معلوما

قال: وكأني أقول لها: الشعر على خلاف هذا، وهو:

أزجرُ العينَ أن تبكّي الرسوما ... إن في الصَّدرِ منْ يزيدَ هموما

قتلتهُ ملوكُ آل أبي العا? ... صِ وقد يقتل الكريمُ الكريما

فقالت: هذا يا معشر الإنس قاله شاعركم الطرماح وما غنيته أنا إلا لشاعرنا لما أدخل رأس يزيد بن المهلب إلى دمشق، فارووا ما عندكم فإنا نروي ما عندنا?! ثم قامت إلى وسط الدار وقالت:

وأيقنتُ التفريقَ يومَ قالوا ... نقسِّمُ مالَ أربدَ بالسِّهام

وضربت بعودها الأرض فكسرته، ودخلت حجرة في دار أبي الهيثم، وغابت عن عيني، فقتل أبو الهيثم بعد مديدة.

١٩١ - وحدث بعض وجوه الكتاب ببغداد قال: رأيت في المنام جارية كانت لامرأة أبي العباس بن الفرات تسمى "همة"، وفي يدها عود وهي تغني:

السلاح السلاحْ ... إن أتانا الصباحْ

أينَ فرسانُ قيسٍ ... ألطِّوال الرِّماحْ

أينَ ساداتُ قومي ... ذو الأكفِّ السِّماحْ

أين أهلُ القصورِ ... ألجعادُ الملاحْ

ثم حدثت الحادثة على أبي الحسن بن الفرات بعد ذلك بأربعة أشهر سواء، واستتر أهله، وحصلت هذه الجارية عندي، فسألتها هل تغني بهذا الشعر؟ قالت: نعم، ثم أنشدتنيه، وقالت في البيت الأخير في مكان (القصور) (البطاح).

١٩٢ - وحدث محدث قال: رأيت في منامي نصف النهار قبل نكبة أبي الحسن بن الفرات بخمسة عشر يوما كأن أبا الطيب محمد بن أحمد الكلوذاني كاتب ابن الفرات قد دخل علي، وعليه قميص كرابيس، وهو منتوف بعض لحيته، فقلت له: مالك؟ وكيف جئتني على هذه الحالة؟ فقال:

أخنى علينا الدَّهرُ كلكلهُ ... من ذا يقومُ بكلكلِ الدَّهرِ

وانتبهت فكتبت هذا البيت على الحائط، فلما كان بعد الأيام المذكورة نكب ابن الفرات.

١٩٣ - كان الوزير أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلا على الوزير أبي الحسن بن الفرات لمودة بين أسلافهما، واختصاصه هو بأبي الحسن، فوجد أبو الحسن الكتب النافذة إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك للمقتدر بالله، حراسة لسليمان وصيانة عن أذية تطرقه وبلية تلحقه، واعتمد تقديمه والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد للوزير أبي الحسن علي بن عيسى أيام نظره مجلس العامة في ديوان الخاصة، فقلده ابن الفرات هذا الديوان رئاسة، ثم شرع سليمان لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة وصرف ابن الفرات، وعمل لذلك نسخة بخطه إلى المقتدر بالله يسعى فيها بابن الفرات وكتابه وأصحابه وأسبابه وضياعه وأمواله، واتفق أن قام لصلاة المغرب مع جماعة من الكتاب في دار ابن الفرات فسقطت من كمه، فأخذها الصقر بن محمد الكاتب، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، فلما وقف عليها فبض عليه، وحدره في زورق مطبق إلى واسط، وصودر هناك وعوقب، ثم رفع صاحب البريد إلى ابن الفرات في جملة رفوعه أن أم سليمان ماتت ببغداد ولم يحضرها ولدها ولا شاهدته قبل موتها، فاغتم ابن الفرات لذلك فكتب بخطه كتابا هذه نسخته:

<<  <   >  >>