للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بن أبي العلاء الكاتب قال: كنت بحضرة الخاقاني وقد عرض عليه كتاب من كتب الديوان إلى عامل النيل بحمله غلة كانت حاصلة قبله، وأنكر عليه تأخيرها، فوقع في الكتاب: "أحمل الغلة وأزح العلة ولا تجليس متودعاً في الكلة! " قال: ثم التفت إلي فقال لي: يا أبا عبد الله في النيل بق يحتاج معه إلى الكلل! فقلت: إي والله، وأي بق، ومن أجله يلزم الناس الكلل نهاراً وليلاً! قال: فسر بذلك وقال: نحمد الله على حسن التوفيق! ونفعني ذلك عنده.

قال: ووقع في كتاب بعض العمال وكان مستزيداً له: "الزم وفقك الله المنهاج، واحذر عواقب الاعوجاج، واحمل ما يمكن من الدجاج، إن شاء الله! " قال: فحمل العامل دجاجاً كثيبراً، فتقدم بأن يباع ويورد ثمنه في الحساب، فأورد منسوباً إلى ثمن دجاج السجع!.

١٩٨ - وجدت في بعض الكتب أن شيخاً من فارس رأى في منامه امرأة من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه حاسرة، في يدها عود وهي تضرب وتغني:

إنَّ الشّبابَ وعيشنا اللذّ الذي ... كنّا به زمناً نسرُّ ونجذلُ

ذهبت بشاشته وأصبح ذكرهُ ... حزناً يعلُّ به الفؤادُ وينهلُ

فلم يكن بين ذلك وبين قتل مروان بن محمد وخروج الأمر عنهم إلا قليل.

١٩٩ - وحكى ابن أبي ربعي أنه رأى في منامه كأن رجلاً ينشده:

يا عينُ ويحكِ فاهملي ... بالدمع منك وأسبلي

دّلت على قرب القيا ... مةِ قتلةُ المتوكِّل

فقتل المتوكل بعد ذلك بمديدة.

٢٠٠ - وحكى صالح بن أحمد بن حنبل رضي الله عنهما قال: رأيت في منامي كأن رجلاً يعرج به إلى السماء وقائلاً يقول:

ملكٌ يقادُ إلى مليكٍ عادلٍ ... متفضِّلٍ بالعفو ليسَ بجائرِ

فلما كان من الغد جاءنا نعي المتوكل من سر من رأى.

٢٠١ - وقال أبو الوارث قاضي نصيبين: رأيت في منامي كأن آتياً فأنشدني:

يا نائمَ العينِ في جثمانِ يقظانِ ... ما بالُ عينكَ لا تبكي بتهتانِ

إنَّ اللياليَ لم تحسنْ إلى أحدٍ ... إلاَّ أساءتْ إليه بعد إحسانِ

أما رأيتَ صروفَ الدَّهرِ ما فعلت ... بالهاشميِّ وبالفتحِ بنِ خاقانِ

فأتي البريد بأنهما قتلا في تلك الليلة!.

٢٠٢ - وحدث أبو البركات بن كامل قال: وجدت بخط الملك العزيز أبي المنصور بن الملك جلال الدولة أبي طاهر بن بويه ما نسخته: "رأينا فيما يرى النائم بالذخيرة بألطف من البصرة بعد المعركة هناك في صبيحة يوم الاثنين، مستهل شهر رمضان سنة أربعين وأربعمائة، كأن امرأة تنازعنا رمحاً في دارنا البصرة، وكأنا استنفذناه منها، فانعطفت تنشد متكئة على دار ابزين البستان الذي في الدار، وذلك بعد وفاة الملك أبي كاليجار بن بويه الذي كان غلب على العراق، وأبعد الملك العزيز عنها وشتته منها:

يا غارسَ الكرمِ والنّخيلِ ... وقائد الرحل والخيول

لو كنتَ تدري إلامَ صارتْ ... أحوالُ ذي المال ذا الجليلِ

ما جئت من منزلٍ بعيدٍ ... ترمي قتيلاً على قتيل

وبعد الأبيات: "اللهم إنا نستعيذ بك من طول الأمل في هذه الدنيا الزائلة المتنقلة تنقل الأفياء، اللهم فلا تشقنا فيها، ولاتلهنا بها عن الآخرة، واجعلنا من الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، واحشرنا مع أهل بيت نبوتك الطاهرين، ولا تضرعنا مصارع الجبارين .. " وكتب خسرو فيروز بن شاهنشاه الأعظم أبي طاهر فيروز خسرو بخطه في التاريخ، وعاش بعد ذلك مرتاعا منزعجا، ولم يبق إلا قليلا ومات عن ثلاث وثلاثين سنة وستة عشر يوما شمسية.

٢٠٣ - ودخل إنسان يهودي يعرف بصاعد الصيرفي حماما بباب المراتب فقال شعرا لأبي الحسن البصروي الشاعر في دواتي لنور الدولةأبي الأعز بن مزيد يسمى ثابتا:

ليسَ على شاطئِ الفراتِ ... أسقطُ من ثابتِ الدّواتي

طلبتُ منه وكان جهلاً ... منشفةً نشَّفتْ حياتي

فقال واللهِ ما تراها ... ولو تمسَّحتَ في لهاتي

واتفق أن تدخل ثابت الدواتي وسمعه ينشد، فمسك لحيته، وقال له: يا كلب ما وجدت من تقطع به خمارك إلا هجائي! فاعتذر صاعد إليه واستحيا منه.

<<  <   >  >>