للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْدَمَا كَادَتْ" (١).

وربّ محتجّ علينا يقول: تتحدّثون عن قلَّة قتلى الجمل، وقد ثبت أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "يُقْتَلُ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ يَسَارِهَا قَتْلَى كَثِيرٌ! " قلنا: ولكن ليس بهذه الكثرة المبالغ بها في الرِّوايات التّاريخيّة، فهذا اليعقوبي مثلاً يروي دون سند ويقول: " كانت الحرب أربع ساعات من النَّهار، فروى بعضهم أنّه قُتِلَ في ذلك اليوم نيف وثلاثون ألفاً" (٢) ولا غرو أنَّ المبالغة من علامات الوضع الّتي تُعرف بها الرّوايات الباطلة، ومن تعقَّب الرِّوايات الَّتي تتحدَّث عن قتلى الجمل بالدّراسة والتَّحقيق علم أنّه لا يصحُّ شيء مِنها.

[الخطأ في الاجتهاد لا يبيح الطعن في صاحبه]

ومَا زال هناك مَنْ يَطْعَنُ في اجتهاد أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وخروجها للإصلاح، ويجمع أقوال أعلام مِنْ علماء المسلمين يَرَوْنَ أنَّها أخطأت في اجتهادها؛ ليبيح الطَّعن بها.

قلنا: هَبْ أنَّ عائشة - رضي الله عنها - أخطأتْ في اجتهادِها، فهل الخطأ في الاجتهادِ يُبِيْحُ الطَّعْنَ بها؟! الجواب: لا قطعاً؛ فقد عفا الله تعالى عن المخطئ في اجتهاد، قال - جل جلاله -: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨)} [الأنفال].


(١) رواه البزَّار ورجاله ثقات، كذا قَال الهيثمي في "مجمّع الزّوائد" (ج ٧/ص ٢٣٤/رقم ١٢٠٢٦) والحافظ في " الفتح " (م ١٣/ص ٤٥)، وصحّحه الألباني في " الصّحيحة " (ج ١/ص ٨٥٣/رقم ٤٧٤).
(٢) اليعقوبي " تاريخ اليعقوبي " (م ٢/ص ٨١).

<<  <   >  >>