للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اجْلِسُوا هَا هُنَا. وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لِي، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الملِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ (١)؟! قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بالله مِنْكَ (٢)، فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ (٣)

وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا" (٤).

قلت: وليس في الحديث أنَّ عائشة أو حفصة - رضي الله عنهما - وراء ما حَدَثَ؛ فليس لهما ذكرٌ أصلاً، ولو كان شيء من هذا لَعُلِمَ بالنَّقل الصَّحيح، ولكن ماذا تقول لمن عَدَّ نفسه عالماً فقيهاً، وإماماً نبيهاً، وراح يتجاسر في ألفاظه.

نقض قولهم: إنها - رضي الله عنها - لا تسأل عن دين وإنّما تسأل عن متاع

قالوا: عائشة لا تُسْأَلُ عن دين، وإنَّما تسأل عن متاع الدُّنيا، بدليل قوله

تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (٥٣)} [الأحزاب]، قَالوا: فالآية فيها قيدان: قيد في السَّائل أَنْ يَسْأَلَ عن مَتَاع، وقيد في المسؤول ـ وهنَّ أمَّهات المؤمنين ـ أن يُسْأَلْنَ مِنْ وراء حجاب.

قلت: الغريب أنَّ هذا الكلام هناك مَنْ يتداعى عليه، ويأخذه على أنَّه


(١) غير الملوك.
(٢) لعلّها لم تعرفه - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) الرَّازقيَّة: ثياب كَتَّان بيضٌ ..
(٤) البخاري "صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ١٦٤) كتاب الطّلاق.

<<  <   >  >>