للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ مَا صَارَتْ فِرَاشًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوَّلًا فَقَدْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ ثُمَّ عَلَيْهَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَالْعِدَّةُ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ؛ فَلِهَذَا جَمَعْنَا بَيْنَ الْعِدَّتَيْنِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا وَلَا أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَا حَيْضَ فِيهَا وَعِنْدَهُمَا تَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَاتَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَفِي الْعِدَّةِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فَالْوَجْهُ الْوَاحِدُ يَكْفِي لِوُجُوبِهَا لِلِاحْتِيَاطِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَسَائِلِ الْعَقْدِ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ وَثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ احْتِيَاطًا وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ سَبَبُ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ لَمْ يُوجَدْ، وَهُوَ زَوَالُ فِرَاشِ الْمَوْلَى عَنْهَا وَالِاحْتِيَاطُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ظُهُورِ السَّبَبِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمَوْلَى أَوَّلًا فَقَدْ مَاتَ وَهِيَ مَنْكُوحَةُ الزَّوْجِ وَإِنْ مَاتَ آخِرًا فَقَدْ مَاتَ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ الزَّوْجِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُمَا إنَّ مُضِيَّ الشَّهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ مُحْتَمَلٌ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ مُضِيَّ هَذِهِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ لَيْسَ بِعِدَّةٍ حَتَّى يُؤْخَذَ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَلَا سَبَبَ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ فَلَا يُقَدَّرُ بِهِ عِنْدَ التَّرَدُّدِ مَعَ أَنَّ كُلَّ أَمْرَيْنِ ظَهَرَا وَلَا يُعْرَفُ التَّارِيخُ بَيْنَهُمَا يُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا حَصَلَا مَعًا فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا كَالْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَالْهَدْمَى لَا يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلِأَنَّ هُنَا أَحْوَالًا ثَلَاثَةً إنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوَّلًا فَهُنَاكَ نِكَاحٌ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَهُ قَبْلَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَهُنَاكَ عِدَّةٌ تَمْنَعُ وُجُوبَ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِالْحَيْضِ وَالْحَالَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُعَارِضُ الْحَالَتَيْنِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَقْدِ لِأَنَّ هُنَاكَ فِي حَقِّ كُلِّ امْرَأَةٍ حَالَتَانِ إمَّا حَالُ صِحَّةِ النِّكَاحِ أَوْ حَالُ فَسَادِهِ وَالتَّعَارُضُ يَقَعُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ؛ فَلِهَذَا يُؤْخَذُ بِالِاحْتِيَاطِ هُنَاكَ وَكَذَلِكَ إذَا عُلِمَ أَنَّ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَهُنَا حَالَتَانِ إمَّا الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ بِالْحَيْضِ مِنْ الْمَوْلَى فَلِتَعَارُضِ الْحَالَتَيْنِ أَخَذْنَا بِالِاحْتِيَاطِ.

(قَالَ) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً رَجْعِيَّةً فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ مِلْكَ النِّكَاحِ فَهُوَ وَمَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوَّلًا فَقَدْ مَاتَ وَهِيَ أَمَةٌ وَالْأَمَةُ لَا تَرِثُ مِنْ الْحُرِّ شَيْئًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوَّلًا تَرِثُ وَالْإِرْثُ بِالشَّكِّ لَا يَثْبُتُ وَشَرْطُ إرْثِهَا مِنْهُ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ فَمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ بِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>