الشَّرْطِ لَا تَرِثُ مِنْهُ.
(قَالَ)، وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا بَطَلَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ عَنْهَا وَلَزِمَهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَكَانَ مُنْتَهِيًا بِالْمَوْتِ وَانْتِهَاءُ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ يُلْزِمُهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِالْحَيْضِ لِيَزُولَ الْمِلْكُ بِهَا وَقَدْ زَالَ بِالْمَوْتِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَهِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً عَنْهُ فِي الصِّحَّةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لَمْ تَنْتَقِلْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَا انْتَهَى بِالْوَفَاةِ هُنَا، وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَيَذَرُونِ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ لَهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى لَا تَرِثَ مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ شَيْئًا فَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ أَيْضًا.
(قَالَ) وَإِذَا أَتَى الْمَرْأَةَ خَبَرُ وَفَاةِ زَوْجِهَا بَعْدَ مَا مَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِمَا قُلْنَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ مَوْتِهِ لَا وَقْتُ عِلْمِهَا بِهِ وَإِنْ شَكَّتْ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ اعْتَدَّتْ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَسْتَيْقِنُ فِيهِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ يُؤْخَذُ فِيهَا بِالِاحْتِيَاطِ وَالِاحْتِيَاطُ فِي أَنْ يُؤْخَذَ بِالْيَقِينِ، وَفِي الْوَقْتِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لَا يَقِينَ؛ فَلِهَذَا لَا تَعْتَدُّ إلَّا مِنْ الْوَقْتِ الْمُتَيَقَّنِ.
(قَالَ) وَطَلَاقُ الْأَمَةِ ثِنْتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ تَحْتَ حُرٍّ كَانَتْ أَوْ تَحْتَ عَبْدٍ وَطَلَاقُ الْحُرَّةِ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ وَعِدَّتُهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ تَحْتَ حُرٍّ كَانَتْ أَوْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَفِي الْعِدَّةِ اتِّفَاقٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِهَا لَا بِحَالِ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتَدَّةُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِصِغَرِهَا وَكِبَرِهَا وَكَوْنُهَا حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَكَذَلِكَ بِرِقِّهَا وَحُرِّيَّتِهَا.
فَأَمَّا الطَّلَاقُ بِالنِّسَاءِ أَيْضًا عِنْدَنَا، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَدُ الطَّلَاقِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الرَّجُلِ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ وَزَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَعْتَبِرُ بِمَنْ رَقَّ مِنْهُمَا حَتَّى لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ إلَّا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ»، وَفِي رِوَايَةٍ «يُطَلِّقُ الْعَبْدُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بِحَيْضَتَيْنِ» وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمَالِكُ لِلطَّلَاقِ الْمُتَصَرِّفِ فِيهِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَالِكِ كَمِلْكِ الْيَمِينِ أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يَمْنَعُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ الصِّغَرُ وَالْجُنُونُ يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ مَا يَمْنَعُ مِلْكَ الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ عَدَدِ الطَّلَاقِ اعْتِبَارُ عَدَدِ النِّكَاحِ لِأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ عَلَى امْرَأَتِهِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ عُقَدٍ وَمَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَيْنِ يَمْلِكُ عَلَيْهَا عُقْدَتَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ فِي مِلْكِ الْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُرَّ يَتَزَوَّجُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَالْعَبْدُ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَأَصْحَابُنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ» فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الطَّلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute