مِنْ سَبَبِهِ، وَهُوَ الشِّرَاءُ قَالُوا: وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يُبَاشِرُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مِمَّنْ لَا يُبَاشِرُ الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ عَادَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ بِالْيَمِينِ مَنَعَ نَفْسَهُ عَمَّا يُبَاشِرُهُ عَادَةً، فَإِذَا كَانَ عَادَتُهُ الشِّرَاءُ بِهَذَا الطَّرِيقِ يَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوكٌ ثُمَّ اشْتَرَى مَمْلُوكًا ثُمَّ كَلَّمَهُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْلِكُهُ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الِاسْتِقْبَالِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْحَالُ فِي الِاسْتِعْمَالِ يُقَالُ: فُلَانٌ يَمْلِكُ كَذَا، وَأَنَا أَمْلِكُ كَذَا يَعْنِي فِي الْحَالِ فَمَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فِي الْحَالِ لَا يَتَنَاوَلُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى وَقْتٍ، وَالْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْمُنَجَّزُ فَإِذَا كَانَ الْعِتْقُ الْمُنَجِّزُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ فَكَذَا الْمُضَافُ إلَى وَقْتٍ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ هُنَا فِي الْمِلْكِ لَا فِي الْحُرِّيَّةِ فَلِهَذَا يَتَنَاوَلُ مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَإِنْ كَانَ قَالَ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمئِذٍ حُرٌّ عَتَقُوا؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِتْقَ لِمَا يَكُونُ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْكَلَامِ، وَمَا كَانَ مَوْجُودًا فِي مِلْكِهِ، وَقْتَ الْيَمِينِ، وَمَا اسْتَحْدَثَ الْمِلْكُ فِيهِ مَوْصُوفٌ؛ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقْتَ الْكَلَامِ فَيَعْتِقُونَ جَمِيعًا، وَإِنْ قَالَ: يَوْمَ أُكَلِّمُهُ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَى مَمْلُوكًا ثُمَّ كَلَّمَهُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنْجَزِ، وَقَوْلُهُ: يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا شَرْطٌ، وَقَوْلُهُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَيَصِيرُ عِنْدَ وُجُودِ الْكَلَامِ كَأَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا، وَهَذَا اللَّفْظُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْكَلَامِ دُونَ مَا كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ قَبْلَ الْكَلَامِ وَالْمُشْتَرَى قَبْلَ الْكَلَامِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقْتَ الْكَلَامِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ إيجَابُهُ، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا، وَهُوَ يُرِيدُ مَا يَمْلِكُهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا ثُمَّ كَلَّمَهُ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِهِ أَمْلِكُهُ لِلِاسْتِقْبَالِ، وَلَكِنْ يَعْتِقُ فِي الْقَضَاءِ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ يَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَ لَهُ فِي الْحَالِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ مَا نَوَى مِنْ حَقِيقَةِ كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلٌ أَيْضًا، وَإِنَّمَا لَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ الْكَلَامِ عَنْ ظَاهِرِهِ إذَا كَانَ الْمَنْوِيُّ خِلَافَ الْمُسْتَعْمَلِ وَإِنْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ، وَلَهُ عَبْدٌ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ آخَرَ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْعِتْقَ لِمَمْلُوكٍ مُضَافٍ إلَيْهِ بِالْمِلْكِ مُطْلَقًا، وَالْمَمْلُوكُ اسْمٌ لِلْعَبْدِ، وَهُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ، وَإِلَى شَرِيكِهِ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ، فَإِنْ نَوَاهُ عَتَقَ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ لَا يُسَمَّى عَبْدًا، وَلَا مَمْلُوكًا فَقَدْ نَوَى خِلَافَ الْمَلْفُوظِ، وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَقُولُ جُزْءٌ مِنْ الْعَبْدِ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَالْكُلِّ، وَلِهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute