فِي الْقَضَاءِ، وَإِذَا دَعَا عَبْدَهُ سَالِمًا فَأَجَابَهُ مَرْزُوقٌ فَقَالَ: أَنْتَ حُرٌّ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ عَتَقَ الَّذِي أَجَابَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْبَعَ الْإِيقَاعُ الْجَوَابَ فَيَصِيرُ مُخَاطِبًا لِلْمُجِيبِ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت سَالِمًا عَتَقَ سَالِمٌ بِنِيَّتِهِ لِكَوْنِ الْمَنْوِيِّ مِنْ مُحْتَمِلَاتِ كَلَامِهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ فِي صَرْفِ الْعِتْقِ عَنْ مَرْزُوقٍ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ تَنَاوَلَهُ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَدِينُ فِي صَرْفِهِ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ مَدِينٌ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَالَ: يَا سَالِمٌ أَنْتَ حُرٌّ، وَأَشَارَ إلَى شَخْصٍ ظَنَّهُ سَالِمًا، فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ آخَرُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ عَتَقَ عَبْدُهُ سَالِمٌ؛ لِأَنَّهُ أَتْبَعَ الْإِيقَاعُ النِّدَاءَ فَتَنَاوَلَ الْمُنَادَى خَاصَّةً، وَلَا مُعْتَبَرَ لِظَنِّهِ فَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا، وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ، أَوْ أَمَتَهُ ثُمَّ جَحَدَ الْعِتْقَ حَتَّى أَصَابَ مِنْ الْخِدْمَةِ وَالْغَلَّةِ مَا أَصَابَ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ أَوَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْخِدْمَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَلَا تَتَقَوَّمُ الْمَنْفَعَةُ إلَّا بِعَقْدٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حُرًّا فَاسْتَخْدَمَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ سِوَى الْمَأْثَمِ عِنْدَنَا فَهَذَا مِثْلُهُ بَلْ عَيْنُهُ.
؛ لِأَنَّهَا تُبَيِّنُ أَنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً حِينَ اسْتَخْدَمَهَا، وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أَصَابَ مِنْ غَلَّتِهَا، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَجَّرَتْ نَفْسَهَا، أَوْ اكْتَسَبَتْ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً مَالِكَةً لِكَسْبِهَا فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَجَّرَهَا فَمَا أَخَذَ مِنْ الْغَلَّةِ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بَعْدِهِ، وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِكَسْبٍ خَبِيثٍ، وَعَلَيْهِ فِي الْوَطْءِ لَهَا - مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ حُرَّةٌ، وَالْوَطْءُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَنْفَكُّ فِي حَدٍّ، أَوْ مَهْرٍ، وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ يَوْمئِذٍ فِي الظَّاهِرِ فَوَجَبَ الْمَهْرُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِالْوَطْءِ فِي حُكْمِ الْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، وَلِهَذَا يَخْتَصُّ إبَاحَةُ تَنَاوُلِهِ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ إلَّا مُؤَبَّدًا وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيٌّ جَنَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَوْلَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى إلْزَامِ الْجَانِي حُكْمَ أَرْشِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الْجَانِي، وَثُبُوتُ الْحُكْمِ بِحَسَبِ الْحُجَّةِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ خَاصَّةً، فَمَا وَجَبَ مِنْ أَرْشِ الْمَمَالِيكِ يَكُونُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى حَوَّلَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ إلَيْهَا، وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مُقِرًّا بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ لَزِمَ الْجَانِي حُكْمُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَالثَّابِتُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ بِهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً عَلَى الْحُرِّ.
وَلَمْ يَجُزْ عِتْقُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا هَدَرَ شَرْعًا خُصُوصًا فِيمَا يَضُرُّهُمَا، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِقَوْلٍ مُلْزِمٍ لَا أَنَّهُ مُلْزِمٌ فِي نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُمَا غَيْرُ مُلْزِمٍ شَرْعًا، وَإِنْ أَعْتَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطِبٌ لَهُ قَوْلٌ مُلْزِمٌ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْعَبْدَ حَقِيقَةً فَيَنْفُذُ عِتْقُهُ وَإِنْ قَالَ أَعْتَقْت عَبْدِي، وَأَنَا صَبِيٌّ، وَأَنَا نَائِمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إقْرَارَهُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute