للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلكم تصانيفٌ له تسبي النهى ... أخفى الخمود لها وجا المشهودا

قد أم بابك يا جوادُ فهب له ... قصراً بجنات النعيم مشيدا

قد مات بالطاعون قلت مؤرخاً ... (تربٌ زكي أمَّ الجوادا شهيدا)

[٢٧]

[الشيخ أحمد سويسي]

هو الشيخ أبو العباس أحمد بن علي بن محمد سويسي الشريف، كان جده أبو عبد الله محمد بفتح أوله خيراً فاضلاً جليلاً ولي إمامة مسجد باب الخضراء.

وكان ميلاد ولده الشيخ أبي الحسن علي سنة ١٠٧٥ خمس وسبعين وألف وتصدى لقراءة العلم الشريف فقرأ على الشيخ سعيد الشريف والشيخ محمد فتاتة، وقرأ على الشيخ علي الصوفي مختصر السعد على التلخيص، وقرأ على الشيخ محمود مهتار التلويح على صدر الشريعة، وقرأ على الشيخ مصطفى بن عبد الكريم تسهيل ابن مالك، وقرأ على الشيخ قاسم المؤخر كثيراً من الفرائض، وقرأ على المحدث الشيخ سعيد المحجوز صحيح البخاري. وتقدم لخطة التجويد بجامع الزيتونة وكان حسن الصورة تخشع له القلوب فعمر الجامع تلاوة وتدريساً حتى كان شيخ شيوخ جامع الزيتونة علماً وعملاً وصلاحاً وله ولوع بحب الصالحين وزياراتهم والفزع إليهم في المهمات الدنياوية والعلمية؛ قدم إلى تونس أحد العلماء المغاربة مجتازاً إلى بيت الله والحرام وأورد على علماء الحاضرة في ذلك العصر سؤالاً من علم الكلام فلم يجب عنه أحد إلى أن كاد أن يرجع الشيخ آيبا من تونس فحضر كثير من علماء ذلك العصر إلى شيخ جامع الزيتونة وسألوه الاجتماع بالعالم المغربي وإجابة سؤاله ولما أورد عليه السؤال وأخذ الشيخ يفكر في جوابه قال له المغربي: اعلم يا سيدي أني أمهلتك في الجواب إلى أن نرجع من حجتي هذه إلى تونس وإن شئت إلى سنة بعدها وإن شئت أكثر فقال له الشيخ لا حاجة بنا إلى طول المدة وإنما نجتمع إن شاء الله بعد ثلاثة أيام وخرج من عنده فاكترى حماراً وقصد جبل المنار إلى أن أتى ضريح الشيخ سيدي أبي سعيد الباجي رضي الله عنه فجلس عنده وسأله السؤال وجلس هنالك فأخذه النعاس وبينما هو بين النائم واليقظان وإذا هو يرى الشيخ الباجي خارجاً من ضريحه إلى أن خرج نصف جسده فاستعاده السؤال وأجابه عنه فاستيقظ الشيخ وبمجرد ذلك أخذ فحماً من مبخرة الزاوية وكبت بها الجواب على الرخام واستحضر الكاغظ ونقله كتابة وتأمله فإذا هو الجواب الشافي فرجع من الغد واجتمع بالمغربي واستعاده السؤال فأملى عليه الجواب فصاح المغربي وقال له يا سيدي قم بنا إلى من أجابك فوالله لا يجيب عنه إلا مفتوحاً عليه من رجال الله فصدقه الشيخ وذهب به إلى زيارة ضريح الباجي رضي الله عنه.

ولم يزل على علمه وفضله إلى أن توفي نحو سنة ١١٤٦ ست وأربعين ومائة وألف.

وأما ولده صاحب الترجمة فقد نشأ بين يدي أخيه وأخذ عنه وعن والده وعن الشيخ أبي محمد عبد الله السوسي والشيخ محمد الهدة وقد وقفت على إجازة الشيخ السوسي لصاحب الترجمة وأخيه مؤرخة بأشرف ربيعي سنة ١١٧٠ سبعين ومائة وألف وهي إجازة مطلقة عامة تشهد لهما بما اشتهر من علمهما وفضلهما، وتصدى للتدريس فأفاد الطالبين وتقدم إماماً بمسجد باب الخضراء كجده ووالده، وكانت ولايته ذلك أوائل صفر الخير سنة ١١٧٠ سبعين ومائة وألف على عهد الأمير محمد الرشيد، وتقدم لخطة العدالة في جمادى الأولى من السنة المذكورة، ثم قدمه الأمير علي باي شاهداً على أوقاف السور وكانت يومئذ من الخطط النبيهة فوليها في المحرم سنة ١١٧٥ خمس وسبعين ومائة وألف، وقام بواجب معاينتها قياماً كلياً.

<<  <   >  >>