وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ»
ــ
٥٦٥ - ٥٦٧ - (مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ (عَنِ الْأَعْرَجِ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ) أَيْ جَمِيعَ جِسْمِهِ وَيَنْعَدِمُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ لَكِنْ زَالَتْ أَعْرَاضُهَا الْمَعْهُودَةُ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَمْ يَدُلَّ قَاطِعُ سَمْعِي عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا، وَلَا بَعْدَ أَنْ تَصِيرَ أَجْسَامُ الْعِبَادِ بِصِفَةِ أَجْسَامِ التُّرَابِ، ثُمَّ تُعَادُ بِتَرْكِيبِهَا إِلَى الْمَعْهُودِ (إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، وَيُقَالُ بِالْمِيمِ وَهُوَ الْعُصْعُصُ أَسْفَلُ الْعَظْمِ الْهَابِطِ مِنَ الصُّلْبِ، فَإِنَّهُ قَاعِدَةُ الْبَدَنِ كَقَاعِدَةِ الْجِدَارِ فَلَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ ; لِأَنَّهُ (مِنْهُ خُلِقَ) أَيِ ابْتُدِئَ خَلْقُهُ (وَمِنْهُ يُرَكَّبُ) خَلْقُهُ عِنْدَ قِيَامِ السَّاعَةِ، وَهَذَا أَظْهَرُ مِنَ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ وَابْتِدَاءُ التَّرْكِيبِ، وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الْبَاجِيُّ فَقَالَ ; لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا خُلِقَ مِنَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى مِنْهُ لِيُعَادَ تَرْكِيبُ الْخَلْقِ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا عُمُومٌ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ لِمَا رُوِيَ فِي أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَالشُّهَدَاءِ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُهُمْ، وَحَسْبُكَ مَا جَاءَ فِي شُهَدَاءِ أُحُدٍ، إِذْ أُخْرِجُوا بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً أَجْسَادُهُمْ، يَعْنِي أَطْرَافَهُمْ فَكَأَنَّهُ قَالَهُ مَنْ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ فَلَا تَأْكُلُ مِنْهُ عَجْبَ الذَّنَبِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَهُ جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَ الشُّهَدَاءَ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا التَّسْلِيمُ لِمَنْ يَجِبُ لَهُ التَّسْلِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتَهَى. وَزَادَ غَيْرُهُ: الصِّدِّيقِينَ وَالْعُلَمَاءَ الْعَامِلِينَ، وَالْمُؤَذِّنَ الْمُحْتَسِبَ، وَحَامِلَ الْقُرْآنِ الْعَامِلَ بِهِ، وَالْمُرَابِطَ، وَالْمَيِّتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute