للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا فَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ.

(فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ سُنَّتْ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ النُّونِ الثَّقِيلَةِ، وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ (لَكُمُ السُّنَنُ) جُمَعُ سُنَّةٍ (وَفُرِضَتْ لَكُمُ الْفَرَائِضُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِيهِمَا لِلْعِلْمِ بِالْفَاعِلِ (وَتُرِكْتُمْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْضًا (عَلَى) الطَّرِيقِ (الْوَاضِحَةِ) الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تَخْفَى (إِلَّا أَنْ تَضِلُّوا بِالنَّاسِ يَمِينًا وَشِمَالًا) عَنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ الْوَاضِحَةِ لِهَوَى أَنْفُسِكُمْ (وَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى) أَسَفًا وَتَعَجُّبًا مِمَّنْ يَقَعُ مِنْهُ ضَلَالٌ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ الْبَالِغِ (ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُمْ) أُحَذِّرُكُمْ (أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ) أَنْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (يَقُولُ قَائِلٌ: لَا نَجِدُ حَدَّيْنِ فِي كِتَابِ اللَّهِ) إِنَّمَا فِيهِ حَدٌّ وَاحِدٌ وَهُوَ الْجَلْدُ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ: " أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا " (فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ أَمَرَ بِرَجْمِ مَنْ أُحْصِنَ: مَاعِزٌ وَالْغَامِدِيَّةُ، وَالْيَهُودِيُّ وَالْيَهُودِيَّةُ (وَرَجَمْنَا) بَعْدَهُ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبُرْهَانِ: ظَاهِرُهُ أَنَّ كِتَابَتَهَا جَائِزَةٌ وَإِنَّمَا مَنَعَهُ قَوْلُ النَّاسِ، وَالْجَائِزُ فِي نَفْسِهِ قَدْ يَقُومُ مِنْ خَارِجِ مَا يَمْنَعُهُ، وَإِذَا كَانَتْ جَائِزَةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً ; لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْمَكْتُوبِ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَتِ التِّلَاوَةُ بَاقِيَةً لَبَادَرَ عُمَرُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَقَالَةِ النَّاسِ ; لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ مَانِعًا، وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذِهِ الْمُلَازَمَةُ مُشْكِلَةٌ انْتَهَى.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ عُمَرَ هَذَا الظَّاهِرَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الْمُبَالَغَةُ وَالْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ بِالرَّجْمِ ; لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ بَاقٍ وَإِنْ نُسِخَ لَفْظُهَا إِذْ لَا يَسَعُ مِثْلُ عُمَرَ مَعَ مَزِيدِ فِقْهِهِ تَجْوِيزَ كَتْبِهَا مَعَ نَسْخِ لَفْظِهَا، فَلَا إِشْكَالَ وَضَمِيرُ كَتَبْتُهَا لِآيَةِ الرَّجْمِ، وَهِيَ (الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ) إِذَا زَنَيَا (فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ) بِهَمْزَةِ قَطْعٍ أَيْ جَزْمًا (قَدْ قَرَأْنَاهَا) ثُمَّ نُسِخَ لَفْظُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْنَا.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ: " وَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>