للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- موقعة الصواري (١) (سنة ٣١ هـ/ ٦٥٢ م) :

بعد ثلاث سنين من سقوط قبرص في يد المسلمين خرج الروم في جمع لم يجتمع مثله لهم قط منذ كان الإسلام فخرجوا في أسطول مؤلف من ٥٠٠ سفينة، وقيل أكثر. وتحدُّوا المسلمين وعليهم عبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح الذي جهز كل سفينة في مصر، وكانت مراكب المسلمين مائتي مركب ونيفاً، واختار جيشاً من الشجعان، فأمن الفريقان بعضهم بعضاً حتى قرنوا بين سفن المسلمين والروم بين صواريها، وكانت الريح هبَّت فرست السفن على الشاطئ، وربط المسلمون السفن بعضها إلى ببعض بالقرب من الإسكندرية، واشتبك القتال بين الفريقين ووثب الرجال على الرجال يتضاربان بالسيوف على السفن حتى رجعت الدماء إلى الساحل تضربها الأمواج وطرحت الأمواج جثث الرجال فقتل من المسلمين بشر كثير وقتل من الروم عدد كثير أيضاً، وصبروا يومئذ صبراً لم يصبروا مثله في موطن قط. وفي النهاية عجز الروم عن مقاومة المسلمين لشجاعتهم وحسن بلائهم، وانهزموا، وفرَّ قائدهم إلى سرقوسة (Syracause) وهي أكبر مدينة بجزيرة صقلية (٢) (Scile) .


(١) الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج ٢/ص ٦١٨، ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ١٣، ابن كثير، البداية والنهاية ج ٧/ص ١٥٧.
(٢) صِقِلِّية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضاً مشدَّدة، وبعضهم يقول: بالسين، وأكثر أهل صقلّية يفتحون الصاد واللام، وهي من جزائر البحر الأبيض المتوسط، مثلثة الشكل، خصيبة وبها مدينة بلرم. ذكر ابن حمديس صقلية في شعره فقال:
ذكرت صقلية والهوى ... بهيج للنفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنة ... فإني أحدث أخبارها
ولمَّا فتحها المسلمون عمروها، وأحسنوا عمارتها بعد أن كانت خاملة، وفيها كثير من الفواكه.

<<  <   >  >>