للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وفاة أبي ذر الغفاري (١) (سنة ٣٢ هـ/ ٦٥٣ م) :

لما حضرت أبا ذر الوفاة في سنة ثمان في ذي الحجة من إمارة عثمان قال لابنته:

"استشرفي يا بنية، فانظري هل ترين أحداً؟ قالت: لا. قال: فما جاءت ساعتي بعد. ثم أمرها فذبحت شاة، ثم طبختها. ثم قال: إذا جاءك الذين يدفنونني فقولي لهم إن أبا ذر يقسم عليكم أن لا تركبوا حتى تأكلوا. فلما نضجت قدرها، قال لها: انظري هل ترين أحداً؟ قالت: نعم، هؤلاء ركب مقبلون. قال: استقبلي بي الكعبة. ففعلت وقال: "بسم اللَّه وباللَّه وعلى ملَّة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم) . ثم خرجت ابنته فتلقتهم وقالت: رحمكم اللَّه اشهدوا أبا ذر فادفنوه قالوا: وأين هو؟ فأشارت إليه وقد مات. قالوا: ونعمة عين، لقد أكرمنا اللَّه بذلك. وإذا ركب من أهل الكوفة فيهم ابن مسعود فمالوا إليه وابن مسعود يبكي ويقول: صدق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم "يموت وحده ويبعث وحده".

فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه. فلما أرادوا أن يرتحلوا قالت: إن أبا ذر يقرأ عليكم السلام وأقسم عليكم أن لا تركبوا حتى تأكلوا. ففعلوا، وحملوهم حتى أقدموهم مكة، ونعوه إلى عثمان، فضم ابنته إلى عياله وقال: يرحم اللَّه أبا ذر ويغفر لرافع بن خديج (٢) سكوته. وفي رواية أخرى أنه قال: يرحم اللَّه أبا ذر ويغفر له نزوله الربذة.


(١) سبقت ترجمته.
(٢) هو رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي الحارثي، صحابي، عريق قومه بالمدينة، شهد أحد والخندق ولد سنة ١٢ ق. هـ، وتوفي في المدينة متأثراً بجراحه سنة ٧٤ هـ. للاستزادة راجع: تهذيب التهذيب ج ٣/ص ٢٢٩، الإصابة ج ٢/ص ١٨٦.

<<  <   >  >>