للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- إرسال مندوبين إلى الأمصار لاستطلاع الأخبار (١) :

أتى الناس عثمان فقالوا: يا أمير المؤمنين أيأتيك عن الناس الذي يأتينا؟ فقال: ما جاءني إلا السلامة، وأنتم شركائي وشهود المؤمنين فأشيروا علي (٢) . قالوا: نشير عليك أن تبعث رجالاً ممن تثق بهم إلى الأمصار حتى يرجعوا إليك بأخبارهم، فدعا محمد بن مسلمة فأرسله إلى الكوفة، وأرسل أسامة بن زيد إلى البصرة، وأرسل عمار بن ياسر إلى مصر، وأرسل عبد اللَّه بن عمر إلى الشام، وفرق رجالاً سواهم، فرجعوا جميعاً قبل عمار. فقالوا: ما أنكرنا شيئاً أيها الناس، ولا أنكره أعلام المسلمين ولا عوامهم.

تأخر عمار حتى ظنوا أنه قد اغتيل فوصل كتاب من عبد اللَّه بن أبي سرح يذكر أن عماراً قد استماله قومه، وانقطعوا إليه منهم عبد اللَّه ابن السوداء وخالد بن مُلجم وسودان بن حُمران وكنانة بن بشر فثبطوا عماراً عن المسير إلى المدينة.

فكتب عثمان إلى أهل الأمصار:

"إني آخذ العمال بموافاتي كل موسم وقد سلطت الأمة منذ وليت على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يرفع علي شيء ولا على أحد من عمالي إلا أعطيته، وليس لي ولعيالي حق قبل الرعية إلا وهو متروك لهم، وقد رفع إليَّ أهل المدينة أن أقواماً يُشتمون ويضربون، فمن ادعى شيئاً من ذلك فليواف الموسم يأخذ حقه حيث كان مني أو عمالي. أو تصدقوا فإن اللَّه يجزي المتصدقين".

فلما قرئ هذا الكتاب في الأمصار بكى الناس ودعوا لعثمان وقالوا: إن الأمة لتتمخض بشر.


(١) ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٤٧.
(٢) ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج ٣/ص ٤٧.

<<  <   >  >>