٤٠٥ - (٦٧) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَادِسِيُّ بالقادسية قال: حدثنا أبو غسان، عن صالح بن سلمة الفزاري: عن مجاهد أبي الحجاج - قلت: سمعته منه؟ قال: نعم -: أنّ ملكا من بني إسرائيل ذكر من شره ما شاء الله، وكان في قريته نفر قد عرفوا الإسلام، فلقي بعضهم بعضا فقالوا: إنا لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر ولا نظهر ديننا، اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها، فركن بعضهم وخرج رجلان يتبعان خراب القرى والغيران، وإن أحدهما اشتكى فقال له صاحبه: إني أراك كل يوم تزداد وجعا، وإني أخاف أن تكون لما لا بد منه، فإن رأيت أن تعينني على نفسك، تمشي طاقتك وأحملك على ظهري حتى ندنو من قريتنا لعل الله تعالى يأتي بالفرج قريب، فإن كان الذي لا بد منه دخلت القرية فاستعنت على كفنك ودفنك بعض أصحابنا، ⦗٣٠١⦘ فذكر أنه أصيب، فغطى وجهه بخليق عليه. قال: فدخل القرية ومات ملكها، فخرجوا به وهم مقيمون عند قبره ثلاثة أيام، فرجع إلى صاحبه، فوجد الطير قد وقع على وجهه فأكلوا عيينه، فلما رأى ذلك جزع وشق عليه، فقال، اللهم أنت الحكم العدل وإليك ينتهي الأمر وأنت علام الغيوب، هذا البائس - فوصفه بالطاعة - لم يذق نعمة الدنيا، مات فسلطت على عينيه الطير فأكلوها، ثم هذا الذي كان يدعو معك إلها يعبد عبادك - فوصفه - أكرمته في الدنيا حتى أصاب - فوصف لذته منها - ثم مات فحمله الرجال على أعناقها وواروه بالتراب وأقاموا عند قبره ثلاثة أيام تكرمة له. فنام فأرى في منامه أن الذي قلت كما قلت، / وربك عز وجل يقول: أنا رب ذلك ورب هذا، إن هذا لم تكن له حسنة عندي فأجازيه بها غير واحدة، فأردت أن أعطيه إياها في الدنيا ولا يكون له عندي إلا العذاب والنكال، وإن صاحبك لم تكن له غير سيئة واحدة فأردت أن أقتصها منه - أو كلمة تشبه هذا - في الدنيا فيلقاني وليس له عندي إلا الجنان الخلد.
آخر الجزء والحمد لله وحده وصلى الله على محمد
⦗٣٠٢⦘
كتبه في ليلة يوسف بن أحمد بن محمود بن أحمد بن الطحان الدمشقي، وذلك ليلة الأحد في العشر الأخير من ربيع الأول سنة تسع عشرة وستمئة بجبل قاسيون بأرض دمشق حرسها الله تعالى.