لقُرْبه مِنْهُ لكَونه من أهل الشورى، وَقيل: إِن مَذْهَب عمر أَن لَا يسْتَمر بالعامل أَكثر من أَربع سِنِين. وَقَالَ الْمَازرِيّ: اخْتلفُوا هَل يعْزل القَاضِي بشكوى الْوَاحِد أَو الْإِثْنَيْنِ أَو لَا يعْزل حَتَّى يجْتَمع الْأَكْثَر على الشكوى عَنهُ.
الْوَجْه الرَّابِع: فِيهِ خطاب الرجل بكنيته والاعتذار لمن سمع فِي حَقه كَلَام يسوؤه.
الْوَجْه الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز الدُّعَاء على الظَّالِم الْمعِين بِمَا يسْتَلْزم النَّقْص فِي دينه، وَلَيْسَ هُوَ من طلب وُقُوع الْمعْصِيَة، وَلَكِن من حَيْثُ إِنَّه يُؤَدِّي إِلَى نكاية الظَّالِم وعقوبته. ألَا ترى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَيفَ دَعَا، وَقَالَ: {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} (يُونُس: ٨٨) .
٧٥٦ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ عنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة أَعم من أَن تكون الْقِرَاءَة بِالْفَاتِحَةِ أَو بغَيْرهَا، والْحَدِيث يعين الْفَاتِحَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي الحَدِيث دَلِيل على أَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَاجِبَة على الإِمَام وَالْمُنْفَرد وَالْمَأْمُوم فِي الصَّلَوَات كلهَا، فَهُوَ صَرِيح فِي دلَالَته على جَمِيع أَجزَاء التَّرْجَمَة. قلت: لَيْسَ فِي التَّرْجَمَة ذكر الْفَاتِحَة حَتَّى يدل على ذَلِك، وَإِنَّمَا فِيهَا ذكر الْقِرَاءَة، وَهِي أَعم من الْفَاتِحَة وَغَيرهَا على مَا ذكرنَا. فَإِن قلت: لَهُ أَن يَقُول: ذكرت الْقِرَاءَة وَأَرَدْت بهَا الْفَاتِحَة من قبيل إِطْلَاق الْكل على الْجُزْء. قلت: فَحِينَئِذٍ لَا يبْقى وَجه الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة وَبَين حَدِيث سعد الْمَذْكُور، وَأَيْضًا فِيهِ ارْتِكَاب الْمجَاز من غير ضَرُورَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر الْمَدِينِيّ الْبَصْرِيّ. الثَّانِي: سُفْيَان بن عُيَيْنَة. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: مَحْمُود بن الرّبيع، بِفَتْح الرَّاء: ابْن سراقَة الخزرجي الْأنْصَارِيّ، ختن عبَادَة بن الصَّامِت، روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عقل عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مجة مجها فِي وَجهه من دلو فِي بِئْر فِي دَارهم وَهُوَ ابْن خمس سِنِين، مر ذكره فِي: بَاب مَتى يَصح سَماع الصَّغِير من كتاب الْعلم. الْخَامِس: عبَادَة بن الصَّامِت، بِضَم الْعين، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومكي ومدني. وَفِيه: عَن مَحْمُود بن الرّبيع، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة حَدثنَا الزُّهْرِيّ سَمِعت مَحْمُود بن الرّبيع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن صَالح عَن ابْن شهَاب أَن مَحْمُود بن الرّبيع أخبرهُ أَن عبَادَة بن الصَّامِت أخبرهُ، وبالتصريح بالإخبار يرد تَعْلِيل من أعله بالإنقطاع لكَون بعض الروَاة أَدخل بَين مَحْمُود وَعبادَة رجلا: قلت هَذَا الرجل هُوَ وهب بن كيسَان وَفِي الْمُسْتَدْرك قد أَدخل بَين مَحْمُود وَعبادَة وهب بن كيسَان، فِيمَا رَوَاهُ الْوَلِيد ابْن مُسلم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن مَكْحُول عَن مَحْمُود عَن وهب، وَبَين الدَّارَقُطْنِيّ فِي (سنَنه) : من حَدِيث زيد بن وَاقد عَن مَكْحُول: إِن دُخُول وهب فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُؤذن عبَادَة، وَأَن مَحْمُودًا ووهبا صليا خَلفه يَوْمًا، فَذكره. وَقَالَ: رِجَاله كلهم ثِقَات. وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث ابْن إِسْحَاق عَن مَكْحُول بِهِ، وَقَالَ: إِسْنَاده حسن. وَقَالَهُ أَيْضا الْبَغَوِيّ.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو النَّاقِد وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان وَعَن أبي الطَّاهِر وحرملة وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عبد بن حميد وَعَن الْحسن الْحلْوانِي عَن الزُّهْرِيّ بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَأبي الطَّاهِر بن السَّرْح، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن ابْن أبي عمر وَعلي بن حجر كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن سُوَيْد بن نصر وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مَحْمُود بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن هِشَام بن عمار وَسَهل بن أبي سهل وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ.
ذكر مَا يستنبط مِنْهُ: اسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد على وجوب قِرَاءَة الْفَاتِحَة خلف الإِمَام فِي جَمِيع الصَّلَوَات، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي (أَحْكَام الْقُرْآن) : ولعلمائنا فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال: الأول: يقْرَأ اذا أسر الإِمَام خَاصَّة، قَالَه ابْن الْقَاسِم. الثَّانِي: قَالَ ابْن وهب وَأَشْهَب فِي (كتاب مُحَمَّد) : لَا يقْرَأ. الثَّالِث: قَالَ مُحَمَّد بن عبد الحكم: يقْرؤهَا خلف الإِمَام، فَإِن لم يفعل أجزاه، كَأَنَّهُ رأى ذَلِك مُسْتَحبا، وَالأَصَح عِنْدِي وجوب قرَاءَتهَا فِيمَا أسر وتحريمها فِيمَا جهر، إِذا سمع قِرَاءَة الإِمَام، لما فِيهِ من فرض الْإِنْصَات لَهُ