للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَقَدْ حَكَى عَنْهُ بَعْض أَصْحَابنَا رِوَايَة صَرِيحَة أَنَّ الْبَيْع جَائِز وَالشَّرْط صَحِيح وَلِهَذَا حَمَلَ الْقَاضِي مَنْعه مِنْ الْوَطْء عَلَى الْكَرَاهَة لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَحْرِيمِهِ عِنْده مَعَ فَسَاد الشَّرْط

وحمله بن عُقَيْل عَلَى الشُّبْهَة لِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّة هَذَا الْعَقْد

وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّد ظَاهِر كَلَام أَحْمَد أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ فِي الْعَقْد شَرْطَيْنِ بطل سواء كانا صَحِيحَيْنِ أَوْ فَاسِدَيْنِ لِمَصْلَحَةِ الْعَقْد أَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَته أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيث وَعَمَلًا بِعُمُومِهِ وَأَمَّا أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن الشَّرْط وَالشَّرْطَيْنِ وَقَالُوا يَبْطُل الْبَيْع بِالشَّرْطِ الْوَاحِد لنهي النبي عَنْ بَيْع وَشَرْط وَأَمَّا الشُّرُوط الصَّحِيحَة فَلَا تُؤَثِّر فِي الْعَقْد وَإِنْ كَثُرَتْ وَهَؤُلَاءِ أَلْغَوْا التَّقْيِيد بِالشَّرْطَيْنِ وَرَأَوْا أَنَّهُ لَا أَثَر لَهُ أَصْلًا

وَكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال بَعِيدَة عَنْ مَقْصُود الْحَدِيث غَيْر مُرَادَة مِنْهُ

فَأَمَّا الْقَوْل الْأَوَّل وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِط حَمْل الْحَطَب وَتَكْسِيره وَخِيَاطَة الثَّوْب وَقَصَارَته وَنَحْو ذَلِكَ فَبَعِيد فَإِنَّ اِشْتِرَاط مَنْفَعَة الْبَائِع فِي الْبَيْع إِنْ كَانَ فَاسِدًا فَسَدَ الشَّرْط وَالشَّرْطَانِ

وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَأَيّ فَرْق بَيْن مَنْفَعَة أَوْ مَنْفَعَتَيْنِ أَوْ مَنَافِع لَا سِيَّمَا وَالْمُصَحِّحُونَ لِهَذَا الشَّرْط قَالُوا هُوَ عَقْد قَدْ جَمَعَ بَيْعًا وَإِجَارَة وَهُمَا مَعْلُومَانِ لَمْ يَتَضَمَّنَا غَرَرًا

فَكَانَا صَحِيحَيْنِ

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الْمُوَاجِب لِفَسَادِ الْإِجَارَة عَلَى مَنْفَعَتَيْنِ وَصِحَّتهَا عَلَى مَنْفَعَة وَأَيّ فَرْق بَيْن أَنْ يَشْتَرِط عَلَى بَائِع الْحَطَب حَمْله أَوْ حَمْله وَنَقْله أَوْ حَمْله وَتَكْسِيره

وَأَمَّا التَّفْسِير الثَّانِي وَهُوَ الشَّرْطَانِ الْفَاسِدَانِ فَأَضْعَف وَأَضْعَف لِأَنَّ الشَّرْط الْوَاحِد الْفَاسِد مَنْهِيّ عَنْهُ

فَلَا فَائِدَة فِي التَّقْيِيد بِشَرْطَيْنِ فِي بَيْع وَهُوَ يَتَضَمَّن زِيَادَة فِي اللَّفْظ وَإِيهَامًا لِجَوَازِ الْوَاحِد

وَهَذَا مُمْتَنِع عَلَى الشَّارِع مِثْله

لِأَنَّهُ زِيَادَة مُخِلَّة بِالْمَعْنَى

وَأَمَّا التَّفْسِير الثَّالِث وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِط أَنَّهُ إِنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقّ بِهَا بِالثَّمَنِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّن شَرْطَيْنِ أَنْ لَا يَبِيعهَا لِغَيْرِهَا وَأَنْ تَبِيعهُ إِيَّاهَا بِالثَّمَنِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّ كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا إِنْ كَانَ فَاسِدًا فَلَا أَثَر لِلشَّرْطَيْنِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَمْ تَفْسُد بِانْضِمَامِهِ إِلَى صَحِيح مِثْلُه كَاشْتِرَاط الْرَّهْن وَالضَّمِين وَاشْتِرَاط التَّأْجِيل وَالرَّهْن وَنَحْو ذَلِكَ وَعَنْ أَحْمَد فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة ثَلَاث رِوَايَات

إِحْدَاهُنَّ صِحَّة الْبَيْع وَالشَّرْط وَالثَّانِيَة فَسَادهمَا

وَالثَّالِثَة صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاد الشَّرْط

وَهُوَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِنَّمَا اعتمد في الصحة على اتفاق عمر وبن مَسْعُود عَلَى ذَلِكَ

وَلَوْ كَانَ هَذَا هُوَ الشرطان في البيع لم يخالفه لقول أَحَد عَلَى قَاعِدَة مَذْهَبه

فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ عِنْده فِي الْمَسْأَلَة حَدِيث صَحِيح لَمْ يَتْرُكهُ لِقَوْلِ أَحَد

وَيُعْجَب مِمَّنْ يُخَالِفهُ مِنْ صَاحِب أَوْ غَيْره

وَقَوْله فِي رِوَايَة الْمَرْوَزِيّ هُوَ في معنى حديث النبي لَا شَرْطَانِ فِي بَيْع لَيْسَ تَفْسِيرًا مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>