[٤٢٥٠] (يُوشِكُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُحَاصَرُوا) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ أي يحبسوا ويضطروا ويلتجؤا (إِلَى الْمَدِينَةِ) أَيْ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُحَاصَرَةِ الْعَدُوِّ إِيَّاهُمْ أَوْ يَفِرُّ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْكُفَّارِ وَيَجْتَمِعُونَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ
وَسَلَاحٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ خَيْبَرَ أَوْ بَعْضُهُمْ دَخَلُوا فِي حِصْنِ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُهُمْ ثَبَتُوا حواليها احتراسا عليها قاله القارىء
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْمُسْلِمِينَ زَمَنَ الدَّجَّالِ حِينَ يَأْرِزُ الْإِسْلَامُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُطَهَّرَةِ أَوْ يَكُونُ هَذَا فِي زَمَانٍ آخَرَ (أَبْعَدَ مَسَالِحِهِمْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَسْلَحَةٍ وَأَصْلُهُ مَوْضِعُ السِّلَاحِ ثم استعمل للثغر وهو المراد ها هنا أَيْ أَبْعَدُ ثُغُورِهِمْ هَذَا الْمَوْضِعُ الْقَرِيبُ مِنْ خَيْبَرَ الْقَرِيبُ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى عِدَّةِ مَرَاحِلَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لِقَوْمٍ يَحْفَظُونَ الثُّغُورَ مِنَ الْعَدُوِّ
قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْمَسَالِحُ جَمْعُ الْمَسْلَحِ وَالْمَسْلَحَةُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ الثُّغُورَ مِنَ الْعَدُوِّ وَسُمُّوا مَسْلَحَةً لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ ذَوِي سِلَاحٍ أَوْ لِأَنَّهُمْ يَسْكُنُونَ الْمَسْلَحَةَ وَهِيَ كَالثَّغْرِ وَالْمَرْقَبِ يَكُونُ فِيهِ أَقْوَامٌ يَرْقُبُونَ الْعَدُوَّ لِئَلَّا يَطْرُقَهُمْ عَلَى غَفْلَةٍ فَإِذَا رَأَوْهُ أَعْلَمُوا أَصْحَابَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا لَهُ انْتَهَى
وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ الثَّغْرُ مِنَ الْبِلَادِ الْمَوْضِعُ الذي يخاف منه هجوم العدو فهوكالثلمة فِي الْحَائِطِ يُخَافُ هُجُومُ السَّارِقِ مِنْهَا وَالْجَمْعُ ثُغُورٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ
(سَلَاحٌ) بِفَتْحِ السِّينِ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَقَدْ ضُبِطَ بِرَفْعِهِ مَضْمُومًا عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ مُؤَخَّرٌ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ أَبْعَدَ وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِهِ مُنَوَّنًا وَفِي أُخْرَى بِكَسْرِ الْحَاءِ
فَفِي الْقَامُوسِ سَلَاحٌ كَسَحَابٍ وَقَطَامٍ مَوْضِعٌ أسفل خيبر
وقال بن الْمَلَكِ سَلَاحٌ هُوَ مُنَوَّنٌ فِي نُسْخَةٍ وَمَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ فِي أُخْرَى وَقِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ فِي الْحِجَازِ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ فِي بَنِي تَمِيمٍ
وَالْمَعْنَى أَبْعَدُ ثُغُورِهِمْ هَذَا الْمَوْضِعُ الْقَرِيبُ مِنْ خَيْبَرَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ التَّضْيِيقِ عليهم وإحاطة الكفار حواليهم قاله القارىء
قَالَ الْمِزِّيُّ حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ الْأَزْدِيِّ الْبَصْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عمر أخرجه أبو داود في الفتن عن بن وَهْبٍ عَنْ جَرِيرٍ انْتَهَى
قُلْتُ وَفِيهِ مَجْهُولٌ لِأَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَالَ حُدِّثْتُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ حَدَّثَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ والله أعلم