[٤٢٥٢] (زَوَى لِيَ الْأَرْضَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ قَبَضَهَا وَجَمَعَهَا يُقَالُ انْزَوَى الشَّيْءُ إِذَا انْقَبَضَ وَتَجَمَّعَ (مَشَارِقَهَا) أَيِ الْأَرْضِ (مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْأَرْضِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ الناس أن من ها هنا معناها التبعيض فيقول كيف شرط ها هنا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ الِاسْتِيعَابَ وَرَدَّ آخِرَهُ إِلَى التَّبْعِيضِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَا يُقَدِّرُونَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّفْصِيلُ لِلْجُمْلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالتَّفْصِيلُ لَا يُنَاقِضُ الْجُمْلَةَ وَلَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِنْهَا لَكِنَّهُ يَأْتِي عَلَيْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَسْتَوْفِيهَا جُزْءًا جُزْءًا
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ جُمْلَتُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَرَآهَا ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ جُزْءٌ جُزْءٌ مِنْهَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَيَكُونُ هَذَا مَعْنَى التَّبْعِيضِ فِيهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُلْكَ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَكُونُ مُعْظَمَ امْتِدَادِهِ فِي جِهَتَيِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَهَكَذَا وَقَعَ وَأَمَّا فِي جِهَتَيِ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ فَقَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ انْتَهَى
(الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ) أَيِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ
وَفِي النِّهَايَةِ فَالْأَحْمَرُ مُلْكُ الشَّامِ وَالْأَبْيَضُ مُلْكُ فَارِسٍ وَإِنَّمَا قَالَ لِفَارِسٍ الْأَبْيَضَ لِبَيَاضِ أَلْوَانَهُمْ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَمْوَالِهِمُ الْفِضَّةُ كَمَا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَلْوَانِ أَهْلِ الشَّامِ الْحُمْرَةُ وَعَلَى أَمْوَالِهِمُ الذَّهَبُ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْمُرَادُ كَنْزُ كِسْرَى وَقَيْصَرَ مَلِكَيِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ (أَنْ لَا يُهْلِكَهَا) أَيْ أَنْ لَا يُهْلِكَ اللَّهُ الْأُمَّةَ (بِسَنَةِ) قَحْطٍ (بِعَامَّةٍ) يَعُمُّ الْكُلَّ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ (فَيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ) أَيْ مُجْتَمَعَهُمْ وَمَوْضِعَ سُلْطَانِهِمْ وَمُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ أَيْ يَجْعَلَهُمْ لَهُ مُبَاحًا لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ فِيهِمْ وَيَسْبِيهِمْ وَيَنْهَبُهُمْ يُقَالُ أَبَاحَهُ يُبِيحُهُ وَاسْتَبَاحَهُ يَسْتَبِيحُهُ وَالْمُبَاحُ خِلَافُ الْمَحْذُورِ وَبَيْضَةُ الدَّارِ وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأْصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَإِنَّهُ) أَيِ الْقَضَاءَ (وَلَا أهلكهم بسنة بعامة) أي لأهلكهم بِقَحْطٍ يَعُمُّهُمْ بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْطٌ وَقَعَ فِي نَاحِيَةٍ يَسِيرَةٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute