للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْقِيَامَة أحيوا مَا خلقْتُمْ وَأَن الْكفَّار يؤمرون بِالسُّجُود ويحال بَينهم وَبَينه فَلَا يَسْتَطِيعُونَ بل مجوز ذَلِك على الله تَعَالَى فِي دَار التَّكْلِيف أولى بِهَذِهِ الْعقُوبَة لما ثَبت عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا يَشَاء وَلما ثَبت من مُنَاسبَة الْعُقُوبَات للمعاصي حَتَّى أَن من تردى من جبل فَهُوَ يتردى فِي النَّار من جبل وَمن طعن نَفسه بحديدة فَهُوَ يطعنها فِي النَّار بحديدة وَحَتَّى رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله امْرَأَة حبست هرة حَتَّى قتلتها والهرة تنهشها فِي النَّار وَحَتَّى ثَبت أَن الله تَعَالَى يَقُول أَلَيْسَ عدلا مني أَن أولى كلَاما تولى فَيَقُول الْخلق بلَى فَيرى كل عَابِد لغير الله معبوده ويأمره باتباعه حَتَّى يوردهم النَّار ويمثل لمن عبد عِيسَى صُورَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَمْثَاله من الصَّالِحين كَذَلِك وَحَتَّى قيل للمصورين أحيوا مَا خلقْتُمْ وَحَتَّى يكفر من قَالَ الآخر يَا كَافِر وَلَيْسَ كَذَلِك ويعفى يَوْم الْخَمِيس والاثنين عَن كل مُسلم إِلَّا المتهاجرين حَتَّى يصطلحا لِأَنَّهُمَا أختارا عدم الْعَفو مذهبا وَنَحْو ذَلِك فليحذر من هَذِه الْعقُوبَة الْخَاصَّة مَعَ سَائِر أَنْوَاع الْعَذَاب صَاحب هَذَا الْمَذْهَب بل يحذر من أَهْون من هَذَا وَهُوَ أَن يناقشه الله تَعَالَى الْحساب على جَمِيع مَا أقدره عَلَيْهِ ومكنه مِنْهُ وَلَا يسامحه فِي قَلِيل وَلَا كثير وَيَقُول لَهُ أَنْت جوزت مني تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وظننت ذَلِك فِي فَلَا أقل من أَن أحاسبك على التَّكْلِيف الَّذِي لَا يُطَاق وَلَا أسامحك بِشَيْء مِنْهُ وَفِي ذَلِك هَلَاكه كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله أَنه قَالَ (من نُوقِشَ الْحساب عذب وشواهده مَعْلُومَة) وَكفى بقول الله تَعَالَى {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة} وَفِي آيَة أُخْرَى {مَا ترك عَلَيْهَا}

الْوَجْه الثَّانِي أَن الله لم يعلم أَبَا لَهب بذلك بِالنَّصِّ وَلَا ظَاهر الْقُرْآن يَقْتَضِي ذَلِك أَيْضا وَإِنَّمَا أعلم رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله بذلك فَمن أَيْن أَن أَبَا لَهب علم ذَلِك يَقِينا وَالله قَادر على أَن لَا يُعلمهُ ذَلِك لتزداد الْحجَّة عَلَيْهِ وَقد ذكر هَذَا ابْن الْحَاجِب وَقَالَ أَنه مثل إِعْلَام نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن

<<  <   >  >>