للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالْحق أَن كلا مِنْهُمَا فِي علم الحَدِيث مُهِمّ وَلَا شكّ أَن من جَمعهمَا حَاز الْقدح الْمُعَلَّى مَعَ قصوره فِيهِ إِن أخل بالثالث وَمن أخل بهما فَلَا حَظّ لَهُ فِي اسْم الْحَافِظ وَمن أحرز الأول وأخل بِالثَّانِي كَانَ بَعيدا من اسْم الْمُحدث عرفا وَمن أحرز الثَّانِي وأخل الأول لم يبعد عَنهُ أسم الْمُحدث لَكِن فِيهِ نقص بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأول

وَمن جمع الثَّلَاث كَانَ فَقِيها مُحدثا كَامِلا وَمن انْفَرد بِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا كَانَ دونه إِلَّا أَن من اقْتصر على الثَّانِي وَالثَّالِث فَهُوَ مُحدث صرف لاحظ لَهُ فِي اسْم الْفَقِيه كَمَا أَن من انْفَرد بِالْأولِ فلاحظ لَهُ فِي اسْم الْمُحدث وَمن انْفَرد بِالْأولِ وَالثَّانِي فَهَل يُسمى مُحدثا فِيهِ بحث اه

فَإِن قيل هَل يُمكن الْجمع بَين قَول هَذَا النَّاقِد وَمن نحا نَحوه وَقَول من قَالَ الْعُلُوم ثَلَاثَة علم نضج وَمَا احْتَرَقَ وَهُوَ علم النَّحْو وَالْأُصُول وَعلم لَا نضج وَلَا احْتَرَقَ وَهُوَ علم الْبَيَان وَالتَّفْسِير وَعلم نضج وَاحْتَرَقَ وَهُوَ علم الحَدِيث وَالْفِقْه

يُقَال نعم يُمكن الْجمع بَينهمَا بِأَن يُرَاد بنضج الْعلم كَونه قد بَين بَيَانا كَافِيا بِحَيْثُ لَا يحْتَاج طَالبه إِلَى فرط عناء فِي تَحْصِيل مطلبه وباحتراقه كَونه قد استقصي الْبَحْث فِيهِ ثمَّ تجوز بِهِ الْحَد فأفضى ذَلِك إِلَى ذكر كثير مِمَّا لَا تمس إِلَيْهِ الْحَاجة إِمَّا لكَونه مِمَّا يفْرض فرضا أَو لنَحْو ذَلِك حَتَّى يصير الطَّالِب لِكَثْرَة المباحث مَعَ عدم مَعْرفَته مَا يلْزم مِنْهَا مِمَّا لَا يلْزم حائرا فِي أمره

وَهَذَا الْمَعْنى لَا يظْهر بتمامة فِي علم الحَدِيث وَإِنَّمَا يظْهر فِي نَحْو النَّحْو فَإِن فِيهِ كثيرا مِمَّا لَا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ لَا سِيمَا الْحجَج الَّتِي لَا يدل عَلَيْهَا نقل وَلَا عقل وَالْأولَى إِخْرَاج علم الحَدِيث من هَذَا الْقسم

وَهَذَا الْعبارَة وَإِن كَانَت من قبيل الْملح الَّتِي تستحسن فِي المحاضرة وَلَا يستقصى الْبَحْث فِيهَا إِلَّا أَن فِيهَا إِشَارَة إِلَى أَمر يَنْبَغِي الانتباه إِلَيْهِ وَهُوَ أَن مَا نضج وَاحْتَرَقَ من الْعُلُوم يَنْبَغِي السَّعْي فِي تنقيحه ليسهل على الطَّالِب تنَاوله

<<  <  ج: ص:  >  >>