للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالِانْتِفَاع بِهِ وَمَا لم ينضج مِنْهَا السَّعْي فِي إِكْمَال مباحثه لينضج أَو يقرب من النضج

وَمن أمعن النّظر فِي هَذَا الْأَمر تبين لَهُ أَن فرط النضج فِي علم من الْعُلُوم لَا يُفْضِي إِلَى احتراقه وَإِنَّمَا يُفْضِي فِي الْغَالِب إِلَى إِفْرَاد بعض مباحثه بالبحث فَإِذا اتَّسع الْأَمر فِي مَبْحَث مِنْهَا صَار فَنًّا مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ وَإِن كَانَ متفرعا عَن غَيره وَكَثِيرًا مَا يكون الْفَنّ المتفرع من غَيره وَاسع الْأَطْرَاف جدا قَالَ بعض الْمُحدثين علم الحَدِيث يشْتَمل على أَنْوَاع كَثِيرَة كل نوع مِنْهَا علم مُسْتَقل لَو / أنْفق الطَّالِب فِيهِ عمره لما أدْرك نهايته

وَلما كَانَ الِاسْتِقْصَاء فِي الْعُلُوم غير مُمكن حث الْعلمَاء طلابها على الِاقْتِصَار فِيهَا أَو الاقتصاد وَقد ذكر فِي أَوَائِل الْإِحْيَاء مَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْأَمر فأحببنا إِيرَاد ذَلِك قَالَ وَإِن تفرعت من نَفسك وتطهيرها وقدرت على ترك ظَاهر الْإِثْم وباطنه وَصَارَ ذَلِك ديدنا لَك وَعَادَة متيسرة فِيك وَمَا أبعد ذَلِك مِنْك فاشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج فِيهَا

فابتدئ بِكِتَاب الله تَعَالَى ثمَّ بِسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ بِعلم التَّفْسِير وَسَائِر عُلُوم الْقُرْآن من علم النَّاسِخ والمنسوخ والمفصول والموصول والمحكم والمتشابه وَكَذَلِكَ فِي السّنة ثمَّ اشْتغل بالفروع وَهُوَ علم الْمَذْهَب من علم الْفِقْه دون الْخلاف ثمَّ بأصول الْفِقْه وَهَكَذَا إِلَى بَقِيَّة الْعُلُوم على مَا يَتَّسِع لَهُ الْعُمر ويساعد فِيهِ الْوَقْت وَلَا تستغرق عمرك فِي فن وَاحِد مِنْهَا طلبا للاستقصاء فَإِن الْعلم كثير والعمر قصير

وَهَذِه الْعُلُوم آلَات ومقدمات وَلَيْسَت مَطْلُوبَة لعينها بل لغَيْرهَا وكل مَا يطْلب لغيره فَلَا يَنْبَغِي أَن ينسى فِيهِ الْمَطْلُوب ويستكثر مِنْهُ

فاقتصر من شَائِع علم اللُّغَة على مَا تفهم بِهِ كَلَام الْعَرَب وتنطق بِهِ وَمن

<<  <  ج: ص:  >  >>