للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: الملائكة.

ومثل له ابن الجوزي بقوله تعالى: {وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: ٤٦].

وقال به من السلف: أبو مجلز (١).

ونقل قول أبي مجلز من المفسرين: ابن جرير، وابن عطية، والقرطبي، وأبو حيان، وابن كثير (٢).

[وللسلف في الآية أقوال أخر]

أنهم قوم من بني آدم تساوت سيئاتهم وحسناتهم: وقال به حذيفة بن اليمان، وابن مسعود، وابن عباس، والضحاك، وسعيد بن جبير.

أنهم قوم قتلوا في سبيل الله، عصاة لوالديهم في الدنيا: وقال به شرحبيل بن سعد (٣).

أنهم قوم صالحون علماء: وقال به مجاهد.

وقد توقف ابن جرير في ترجيح أحد هذه الأقوال؛ غير أنه رد القول بالوجه فقال: «قال أبو جعفر: والصواب من القول في أصحاب الأعراف أن يقال كما قال الله جل ثناؤه فيهم، هم رجال يعرفون كلا من أهل الجنة وأهل النار بسيماهم، ولا خبر عن رسول الله يصح سنده، ولا أنه متفق على تأويلها، ولا إجماع من الأمة على أنهم ملائكة.

فإذا كان ذلك كذلك، وكان ذلك لا يدرك قياسا، وكان المتعارف بين أهل لسان العرب أن الرجال اسم يجمع ذكور بني آدم دون إناثهم، ودون سائر الخلق غيرهم، كان بينا أن ما قاله أبو مجلز من أنهم ملائكة قول لا معنى له، وأن الصحيح من القول في ذلك ما قاله سائر أهل التأويل غيره» (٤).


(١) جامع البيان ٨/ ٢٤١. وأبو مجلز: لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري مشهور بكنيته ثقة من كبار الثالثة مات سنة ست وقيل تسع ومائة وقيل قبل ذلك (تقريب التهذيب ص ٥٨٦، رجال مسلم ٢/ ٣٣٠).
(٢) جامع البيان ٨/ ٢٤١. المحرر الوجيز ٢/ ٤٠٤. الجامع لأحكام القرآن ٧/ ١٣٦. البحر المحيط ٥/ ٥٧. تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٣/ ١٦١.
(٣) شرحبيل بن سعد أبو سعد المدني مولى الأنصار صدوق اختلط بأخرة مات سنة ١٢٣ هـ وقد قارب المائة (التقريب ٢٦٥. خلاصة تهذيب تذهيب الكمال ٤٥٠).
(٤) جامع البيان ٨/ ٢٤١.

<<  <   >  >>