للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقول سعد بن معاذ - رضي الله عنه - لقومه: "كيف تعلمون أمري فيكم؟ " هو بيان لمعرفته بمكانته بين قومه وفضله فيهم، فأراد أن يستثمر هذا الفضل ليدخلهم في الإسلام، وكان له ما أراد، فقولهم: "سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة"، فيه معانٍ عدة، فكلمة "سيدنا" دلت على أنهم سوف يتبعونه على ما هو عليه، وكلمة "أفضلنا رأياً" دليل على أنهم مقتنعون بما سوف يراه لهم من رأي ويأمرهم به، وأنه الرأي الأفضل، وقولهم: "أيمننا نقيبة" "النقيبة هي النفس، وقيل: هي يمن الفعل، ورجل ميمون النقيبة: مظفر بما يحاول" (١)، فكأن قولهم يعني أن ما قمت به من فعل فهو فعل ميمون ومسدد، وقد علم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - برأيهم قبل أن يسألهم، إنما أراد أن يستثمر هذه الميزة لأجل الدعوة، فكان ذلك.

[ب) علم الداعي]

العلم سلاح بيد كل متعلم، وله تأثير قوي على البشر، فأكثر المؤثرين في العالم على مر العصور غير الأنبياء هم الذين لديهم نصيب من العلم، وقد سجل التاريخ ذلك، ومثال ذلك الحضارات التي قامت لكثير من الأمم، وكان سببها العلم، فهناك الحضارة اليونانية، والفرعونية، والهندية، والصينية، بالإضافة إلى الحضارات التي قامت في جزيرة العرب، كحضارة عاد وثمود وسبأ وغيرها، فكل ذلك كان بسبب العلم.


(١) المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، القاف والنون والباء، ٦/ ٢٧٨.

<<  <   >  >>