فَبعد عرض مَذَاهِب أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ فِي حَدِيث المتعاصرين إِذا ورد مُعَنْعنًا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِأَن هَذَا الرَّاوِي قد لَقِي شَيْخه الَّذِي حدث عَنهُ أَو شافهه بِحَدِيث فَمنهمْ من رده مُطلقًا وَاخْتَارَ أَن يرد فِي الحَدِيث تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ من أول راو فِي الْإِسْنَاد حَتَّى آخِره وَسبق ص ٤٣ أَن هَذَا من مَذَاهِب أهل التَّشْدِيد إِذْ إِنَّه لن يسلم لنا من الْأَحَادِيث إِلَّا الْقَلِيل
وَاخْتَارَ الْبَعْض أَن يقبل مَعَ اشْتِرَاط طول الصُّحْبَة بَينهمَا كَمَا سبق ص ٥١
وَهَذَا وَإِن كَانَ فِي ظَاهِرَة مُسْفِرًا عَن سَماع إِلَّا أَنه مَذْهَب متشدد ترد بِهِ كثير من الْأَحَادِيث الَّتِي حملهَا الروَاة عَن شيوخهم فِي أثْنَاء الرحلة وَفِي موسم الْحَج وَنَحْو ذَلِك
هَذَا وَاخْتَارَ الإِمَام مُسلم رَحمَه الله أَن يقبل بِشُرُوط مِنْهَا
أَن يكون هُنَاكَ احْتِمَال قوي للقاء بَينهمَا وَأَن لَا يرد تَصْرِيح يَقُول بِانْتِفَاء سَماع هَذَا الرَّاوِي من شَيْخه الَّذِي يحدث عَنهُ
وَلم يشْتَرط رَحمَه الله أَن يرد تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ بَينهمَا وَاعْتبر أَن من اشْترط ذَلِك أَنه أَدخل شريطة زَائِدَة لم يسْبق إِلَيْهَا وَأَنه مُخَالف للْإِجْمَاع حَسْبَمَا ذكر فِي مُقَدّمَة صَحِيحه
وَاسْتدلَّ رَحمَه الله على ذَلِك بِأَحَادِيث رويت معنعنة وَلم يرد فِيهَا تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ وَأَن أهل الْعلم بالأخبار وَالرِّوَايَات قبلوها وَلم يردوا مِنْهَا