ابْن حَنْطَبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ لأَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ وَلا يَجْلِسُ فِيهِ وَهُوَ جُنُبٌ إِلا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لأَنَّ بَيْتَهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا مُرْسَلٌ قَوِيٌّ يَشْهَدُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَطْرُقَ هَذَا الْمَسْجِدَ جُنُبًا غَيْرِي وَغَيْرَكَ أَخْرَجَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ عَن سَالم ابْن أَبِي حَفْصَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْهُ قَالَ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قُلْتُ لِضِرَارِ بْنِ صُرَدَ مَا مَعْنَاهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَسْتَطْرِقَهُ جُنُبًا غَيْرِي وَغَيْرَكَ فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِسَدِّ الأَبْوَابِ
وَأَمَّا سَدُّ الْخَوْخِ فَالْمُرَادُ بِهِ طَاقَاتٌ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَقْرِبُونَ الدُّخُولَ مِنْهَا فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِسَدِّهَا إِلا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى اسْتِخْلافِ أَبِي بَكْرٍ لأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْمَسْجِدَ كَثِيرًا دُونَ غَيْرِهِ
وَظَهَرَ بِهَذَا الْجَمْعِ أَنْ لَا تَعَارُضَ فَكَيْفَ يُدَّعَى الْوَضْعُ عَلَى الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِمُجَرَّدِ هَذَا التَّوَهُّمِ وَلَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لِرَدِّ الأَحَادِيثِ لادُّعِيَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْبُطْلانُ وَلَكِنْ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ
ثُمَّ وَجَدْتُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الأَخْبَارِ لأَبِي بَكْرٍ الْكَلابَاذِيِّ قَالَ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ قِصَّةِ عَلِيٍّ وَقِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ لأَنَّ بَابَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَبْوَابٍ تَطْلَعُ إِلَى الْمَسْجِدِ خَوْخَاتٍ وَأَبْوَابُ الْبُيُوتِ خَارِجَةٌ من الْمَسْجِد فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَدِّ كُلِّ الْخَوْخِ فَلَمْ يَبْقَ مَطْلَعٌ مِنْهَا إِلَى الْمَسْجِدِ وَتُرِكَتْ خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ فَقَطْ وَأَمَّا بَابُ عَلِيٍّ فَلأَنَّهُ دَاخِلُ الْمَسْجِدِ يَخْرُجُ مِنْهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ الَّذِي سَأَلَهُ حِينَ أَشَارَ إِلَى بَيْتِ عَلِيٍّ هَذَا بَيْتُ عَلِيٍّ إِلَى جَنْبِهِ بَيْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بَيْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى وَبِنَحْوِهِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الآثَارِ وَهُوَ فِي أَوَائِلِ الثُّلُثِ الثَّالِثِ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِسَدِّ الأَبْوَابِ
تَنْبِيهٌ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّقَيْمِ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَقِيلَ فِيهِ ابْنُ أَبِي الرُّقَيْمِ تَفَرَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَرِيكٍ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ وَعمر بن أسيد فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute