الثَّانِي: قوم كَانُوا يقصدون وضع الْأَحَادِيث نصْرَة لمذاهبهم وَهَذَا مَنْقُول عَن قوم من السالمية. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن يزِيد المقرئي قَالَ: تَابَ رجل من أهل الْبدع عَن بدعته، فَجعل يَقُول إنظروا هَذَا الحَدِيث عَمَّن تأخذون، فَإنَّا كُنَّا إِذا ترائينا رَأيا جعلنَا لَهُ حَدِيثا. وَعَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: سَمِعت شَيخا من الْخَوَارِج تَابَ وَرجع، فَكَانَ يَقُول: إِن هَذِه الْأَحَادِيث دين فأنظروا عَمَّن تأخذون دينكُمْ. إِنَّا كُنَّا إِذا هوينا أمرا صيرناه حَدِيثا، وَعَن حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من الرافضة قَالَ: كُنَّا إِذا استحسنا شَيْئا جَعَلْنَاهُ حَدِيثا. وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم كَانَ مُحَمَّد ابْن الْقَاسِم من رُؤَسَاء المرجئة يضع الحَدِيث على مَذْهَبهم.
الثَّالِث: قوم كَانُوا يضعون الْأَحَادِيث فِي التَّرْغِيب والترهيب ليحثوا النَّاس على الْخَيْر ويزدجروهم عَن الشَّرّ وَأكْثر الْأَحَادِيث صلوَات الْأَيَّام والليالي من وضع هَؤُلَاءِ. وَمن هَؤُلَاءِ من كَانَ يظنّ أَن هَذَا جَائِز فِي الشَّرْع لِأَنَّهُ كذب للنَّبِي لَا عَلَيْهِ، فَعَن أبي عمار الْمروزِي قيل لأبي عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْمروزِي: من أَيْن لَك عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة وَلَيْسَ عِنْد أَصْحَاب عِكْرِمَة شَيْء مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت النَّاس أَعرضُوا عَن الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِفقه أبي حنيفَة وَمَغَازِي ابْن إِسْحَاق فَوضعت هَذَا الحَدِيث حسبَة. وَقَالَ أَبُو عبد الله النهاوندي قلت لغلام خَلِيل: هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تحدث بهَا من الرقَاق فَقَالَ: وَضَعْنَاهَا لِتُرَقِّقَ بِهَا قُلُوبَ الْعَامَّةِ، وَعَن مُحَمَّد بن عِيسَى الطباع قَالَ: سَمِعت ابْن مهْدي يَقُول لِميسرَة بن عبد ربه: من أَيْن جِئْت بِهَذِهِ الْأَحَادِيث من قَرَأَ فَلهُ كَذَا. وَقَالَ: وَضَعتهَا أَرغب النَّاس فِيهَا. وَمن هَذَا الْقَبِيل أَحَادِيث النَّهْي عَن شرب دُخان التنباك فَإِنِّي رأيتُ فِي رِسَالَة لبَعض مانعيه أَخْبَار منسوبة إِلَى النَّبِي مِنْهَا ((كل دُخان حرَام)) ]] ]] ]] وَمِنْهَا: ((كل جَوف يدْخل الدُّخان فِيهِ من أوراق السمُوم يخرج من الْإِيمَان)) ]] ]] ]] . وَمِنْهَا: ((سَيَأْتِي على النَّاس زمانٌ يَأْكُل أمتِي الدُّخان قلوبها سود ووجوهها نَاقص وشفتاها أَخْضَر فَإِنَّهُ ذَرِيعَة الشَّيْطَان من زمَان نوح وَسقي من بَوْله من أكله مرّة لَا يدْخل الْجنَّة)) ]] ]] ]] وَمِنْهَا: ((دُخان كل شَيْء حرَام)) ]] ]] ]] . وَمِنْهَا ((سَيَأْتِي على النَّاس زمَان يشربون النَّار من ورق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute