وَفِي الصَّوَاعِق المحرقة فِي الرَّد على أهل الْبدع والزندقة لِابْنِ حجر الْمَكِّيّ أعلم أَن مَا أُصِيب بِهِ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فِي يَوْم عَاشُورَاء إِنَّمَا هُوَ الشَّهَادَة الدَّالَّة على مزِيد خطوبه ورفعته ودرجته عِنْد الله وإلحاقه بدرجات أهل بَيته فَمن ذكر ذَلِكَ الْيَوْم مصابه لم يَنْبغ أَن يشْتَغل إِلَّا بالاسترجاع امتثالا لِلْأَمْرِ وإحرازا لما رتبه تَعَالَى عَلَيْهِ بقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون} وَلَا يشْتَغل ذَلِكَ الْيَوْم إِلَّا بذلك وَنَحْوه من عظائم الطَّاعَات كَالصَّوْمِ وإياه ثُمَّ إِيَّاه أَن يشْتَغل ببدع الرافضة وَنَحْوهم من النّدب والنياحة والحزن إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ وَإِلَّا لَكَانَ يَوْم وَفَاته أولى بذلك وَأَحْرَى أَو ببدع الناصبة المتعصبين على أهل الْبَيْت أَو الْجُهَّال المقابلين الْفَاسِد بالفاسد والبدعة بالبدعة وَالشَّر بِالشَّرِّ من إِظْهَار غَايَة الْفَرح وَالسُّرُور واتخاذه عيدا وَإِظْهَار الزِّينَة فِيهِ كالخضاب والاكتحال وَلَيْسَ جَدِيد الثِّيَاب وتوسيع النَّفَقَات وطبخ الْأَطْعِمَة والحبوب الْخَارِجَة من الْعَادَات واعتقادهم أَن ذَلِكَ من السّنة والمعتاد وَالسّنة ترك ذَلِكَ كُله فَإِنَّهُ لم يرد فِي ذَلِكَ شَيْء يعْتَمد عَلَيْهِ وَلَا أثر صَحِيح يرجع إِلَيْهِ وَقد سُئِلَ بعض أَئِمَّة الحَدِيث وَالْفِقْه عَن الْكحل وَالْغسْل والحناء وطبخ الْحُبُوب وَلبس الْجَدِيد وَإِظْهَار السرُور يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ لم يرد فِيهِ حَدِيث صَحِيح وَلَا استحبه أحد من أَئِمَّة الْمُسلمين لَا من الْأَرْبَعَة وَلَا من غَيرهم وَلم يرد فِي الْكتب الْمُعْتَمدَة فِي ذَلِكَ صَحِيح وَلَا ضَعِيف وَمَا قيل من أَن من اكتحل يَوْمه لم يرمد ذَلِكَ الْعَام وَمن اغْتسل لم يمرض كَذَلِك وَمن وسع على عِيَاله فِيهِ وسع الله عَلَيْهِ سَائِر السّنة وأمثال ذَلِكَ من فضل الصَّلَاة فِيهِ وَإنَّهُ كَانَ فِيهِ تَوْبَة آدم واستواء السَّفِينَة على الجودي وإنجاء إِبْرَاهِيم من النَّار وإفداء الذَّبِيح من الْكَبْش ورد يُوسُف على يَعْقُوب فَكل ذَلِكَ مَوْضُوع إِلَّا حَدِيث التَّوسعَة على الْعِيَال لَكِن فِي سَنَده من تكلم فِيهِ فَصَارَ هَؤُلَاءِ لجهلهم يتخذونه موسما وَأُولَئِكَ لرفضهم يتخذونه مأتما وَكِلَاهُمَا مُخطئ مُخَالف للسّنة كَذَا ذكر جَمِيعه بعض الْحفاظ وَقد صرح الْحَاكِم بِأَن الاكتحال يَوْمه بدعه مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute