وفي حديث آخر: أو سبعا " (١) وقد تضمن هذا الحديث البداية بالميامن، وأن يوضأ، وأن يكون وترا من الثلاث إلى ما بعد، وجواز غسله بالماء المضاف، ثم يفيض الماء على سائر جسده، ويخص بالإنقاء الفم والأنف والأرفاغ، كالإبطين وغيرهما، ولا بأس أن يفضي باليد إلى الفرج إذا كانا زوجين، أو ملك يمين، وإن كانا أجنبيين لف على يده ثوبا كثيفا لا يجد معه حس ما تمر عليه اليد، واختلف إذا كان في الموضع أذى لا يزيله إلا مباشرة اليد، فأجاز مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة أن يباشر ذلك، ومنعه ابن حبيب - رحمه الله تعالى - وهو أحسن، ولا يكون الميت في إزالة تلك النجاسة أعلى رتبة من الحي، إذا كان لا يستطيع إزالتها لعلة، أو لغيرها، إلا بمباشرة غيره لذلك الموضع، فإنه لا يجوز أن يوكل من يمس فرجه، لإزالة ذلك، ويجوز أن يصلي على حاله، فهو في الميت أخف، ولا يكشف ويباشر ذلك منه، ولا يقتصر الغاسل على دون الثلاث، لأن الاقتصار على الواحدة لا يأتي على ما يراد من الإنقاء، والاقتصار على اثنتين خلاف ما تضمنه الحديث من أن يكون وترا، وإن أنقى في أربع زاد خامسة، وإن أنقى في ست زاد سابعة.
وما ذكره من جواز الماء المضاف هو ظاهر قوله في المدونة: وأحسن ما جاء في الغسل ثلاثا، أو خمسا، بماء وسدر، وفي الآخرة كافورا إن تيسر، قال في المواهب: تأوله بعضهم على قول ابن حبيب -رحمه الله تعالى -وأنه يريد في غير الأولى، أو يحمل على أن مراده أن يدلك الميت بالسدر، ثم يصب عليه الماء القراح، قال ابن ناجي -رحمه الله تعالى -: وهو اختيار أشياخي، والمدونة قابلة له، وعلى هذين الاحتمالين يكون ما في المدونة موافقا لابن حبيب.