وَلَكِنْ إِنْ رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعَهُ، ثُمَّ تَدْعُوَ اللَّهَ فِيهِ بِالْبَرَكَةِ ; فَإِنَّ اللَّهَ سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ - أَوْ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ - فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَثْيَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ، وَكَانَ أَعْلَاهُمْ مَنْ جَاءَ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ. فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَامَ فَدَعَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْتَثُوا، فَمَا بَقِيَ فِي الْجَيْشِ وِعَاءٌ إِلَّا مَلَئُوهُ، وَبَقِيَ مَثَلُهُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، فَقَالَ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ عَبَدٌ مُؤْمِنٌ بِهَا إِلَّا حَجَبَتْهُ عَنِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ. وَزَادَ فِيهِ: «ثُمَّ دَعَا بِرَكْوَةٍ فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَصُبَّ فِيهَا، ثُمَّ مَجَّ فِيهِ وَتَكَلَّمَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ، ثُمَّ أَدْخَلَ خِنْصَرَهُ - فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَصَابِعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَتَفَجَّرُ يَنَابِيعَ مِنَ الْمَاءِ - ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَمَلَئُوا قِرَبَهُمْ وَأَدَاوِيهِمْ. وَقَالَ: " لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ». وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
٢٩ - وَعَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْكَدِيدِ - أَوْ قَالَ بِقُدَيْدٍ - فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى أَهْلِيهِمْ، فَيَأْذَنُ لَهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ رِجَالٍ يَكُونُ شِقُّ الشَّجَرَةِ الَّتِي تَلِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْغَضَ إِلَيْهِمْ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ؟ ". فَلَمْ يَرَ عِنْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا بَاكِيًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الَّذِي يَسْتَأْذِنُ بَعْدَ هَذَا لَسَفِيهٌ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَقَالَ خَيْرًا، وَقَالَ: " أَشْهَدُ عِنْدَ اللَّهِ، لَا يَمُوتُ عَبْدٌ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، ثُمَّ يُسَدِّدُ - إِلَّا سُلِكَ فِي الْجَنَّةِ ". قَالَ: " وَقَدْ وَعَدَنِي رَبِّي - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى تَبَوَّءُوا أَنْتُمْ وَمَنْ صَلُحَ مِنْ آبَائِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمْ وَذَرَارِيكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ - وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بَعْضُهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute