للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب فِي آدَاب القَاضِي

يجوز للحنفي الْحَاكِم أَن يَسْتَنِيب شافعيا يحكم بِاجْتِهَادِهِ وَإِن خَالف اجْتِهَاد مستنيبه وَلَو شَرط عَلَيْهِ أَن يحكم بقول مستنيبه لم يجز هَذَا الشَّرْط وَأَيْضًا إِذا رأى المستنيب قَول بعض الْأَئِمَّة أرجح من بعض لم يجز لَهُ أَن يحكم بالمرجوح بل عَلَيْهِ أَن يحكم بالراجح فَكيف لَا يكون لَهُ أَن يَسْتَنِيب من يحكم بالراجح وَإِن خَالف قَول إِمَامه وَلَيْسَ على الْخلق لَا الْقُضَاة وَلَا غَيرهم أَن يطيعوا أحدا فِي كل مَا يَأْمر بِهِ وَينْهى عَنهُ إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن سَوَاء من الْأَئِمَّة فَإِنَّهُ يُؤْخَذ من قَوْله وَيتْرك فَيجوز لكل من الْحُكَّام أَن يَسْتَنِيب من يُخَالِفهُ فِي مذْهبه ليحكم بِمَا أنزل الله

وَمن بَاشر الْقَضَاء مَعَ عدم الْأَهْلِيَّة المسوغة للولاية وأصر على ذَلِك عَاملا بِالْجَهْلِ وَالظُّلم فَهُوَ فَاسق وَلَا يجوز أَن يولي خطْبَة وَلَا تنفذ أَحْكَامه وَلَا عقوده كَمَا نفذ أَحْكَام الْعَالم الْعَادِل بل من الْعلمَاء من يردهَا كلهَا وَهُوَ قَول أَكثر أَصْحَاب الشَّافِعِي وَأحمد وَمن الْعلمَاء من ينفذ مَا وَافق الْحق لمسيس الْحَاجة وَلما يلْحق النَّاس من الضَّرَر وَالْحق يجب اتِّبَاعه سَوَاء قَامَ بِهِ الْبر أَو الْفَاجِر وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَطَائِفَة من أَصْحَاب أَحْمد وَهُوَ الرَّاجِح

وَأجْمع الْمُسلمُونَ على أَن الْحَاكِم لَيْسَ لَهُ أَن يقبل الرِّشْوَة سَوَاء حكم بِحَق أَو بباطل وَلَا يحكم لنَفسِهِ وَلَيْسَ للْحَاكِم أَن يكون لَهُ وَكيل يعرف أَنه وَكيله يتجر لَهُ فِي بِلَاد عمله وَإِذا عرف أَن الْحَاكِم بِهَذِهِ المثابة فَإِنَّهُ ينْهَى عَن ذَلِك فَإِن انْتهى وَإِلَّا استبدل بِهِ من هُوَ أصلح مِنْهُ إِن أمكن وَإِذا فصل الْحُكُومَة بَينه وَبَين غَرِيمه حَاكم نَافِذ الحكم فِي الشَّرْع لعلمه وَدينه لم يكن لغريمه أَن يحاكم عِنْد حَاكم آخر

وَإِذا قَالَ الْحَاكِم ثَبت عِنْدِي فَهَل هُوَ حكم فِيهِ وَجْهَان

<<  <   >  >>