للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَعْقُوب ويوسف وَلُوط ومُوسَى وهرون وَشُعَيْب وزَكَرِيا وَيحيى وَعِيسَى وَدَاوُد وَسليمَان وإلياس وأليسع وَذُو الكفل وَأَيوب وَيُونُس وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذُو القرنين وعزيز ولقمان وعَلى القَوْل بنبوة الثَّلَاثَة وَقَالَ بَعضهم لم ينْحَصر عدد الْأَنْبِيَاء وَلَا الرُّسُل لقَوْله تَعَالَى {مِنْهُم من قَصَصنَا عَلَيْك وَمِنْهُم من لم نَقْصُصْ عَلَيْك} والمعجزة أَمر خارق للْعَادَة مقرون بالتحدى مَعَ عدم الْمُعَارضَة من الْمُرْسل إِلَيْهِم وَسميت معْجزَة لتضمنها تعجيزهم عَن الْإِتْيَان بِمِثْلِهَا على أَن تَسْمِيَتهَا بذلك مجَاز لِأَن الْعَجز تبين بهَا فان المعجز فِي الْحَقِيقَة خَالق الْعَجز وَالْأَمر يَشْمَل القَوْل وَغَيره وَالْمرَاد بخرقه للْعَادَة ظُهُوره على خلَافهَا كإحياء ميت وإعدام جبل وانفجار المَاء من بَين الْأَصَابِع والتحدي دَعْوَى الرسَالَة إِذْ لَيْسَ الشَّرْط الاقتران بالتحدى بِمَعْنى طلب الْإِتْيَان بِالْمثلِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ للتحدي فَمن قيل لَهُ إِن كنت رَسُولا فأت بمعجزة فأظهر الله على يَدَيْهِ معجزا كَانَ ظُهُوره دَلِيلا على صدقه نازلا منزلَة التَّصْرِيح بالتحدى وَخرج بقَوْلهمْ خارق الْعَادة وَغَيره كطلوع الشَّمْس كل يَوْم على الْعَادة وَخرج بقَوْلهمْ مقرون بالتحدى الخارق من غير تحد وَهُوَ كَرَامَة الولى والخارق الْمُتَقَدّم على التحدى كالموجود من النَّبِي قبل النُّبُوَّة وَهُوَ الْمُسَمّى عِنْد أهل الْأُصُول إرهاصا أى تأسيسا للنبوة من أرهصت الْحَائِط إِذا أسسته كشق صدر نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغسل قلبه فِي زمن الصِّبَا وإظلال الْغَمَام وتكليم الشّجر وَالْحجر قبل النُّبُوَّة وَفِي المواقف ان هَذِه تسمى كرامات أَيْضا والخارق الْمُتَأَخر عَنهُ بِمَا يُخرجهُ عَن الْمُقَارنَة الْعُرْفِيَّة وَقَوْلهمْ مَعَ عدم الْمُعَارضَة من الْمُرْسل إِلَيْهِم مَعْنَاهُ أَن تتعذر معارضته مَعَ كَونه مُوَافقا لدعوى الرَّسُول دَالا على صدقه وَخرج السحر والشعبذة من الْمُرْسل إِلَيْهِم إذلا مُعَارضَة بذلك وَالظَّاهِرَة الْوَاضِحَة والباهرات الغالبات لمن تحدى بِهن لِأَن البهر لُغَة الْغَلَبَة أَو الأتيان بِمَا يتعجب مِنْهُ من البهر بِمَعْنى الْعجب والبالغات فِي الظُّهُور الْغَايَة من قَوْلهم ابهر فلَان فِي كَذَا إِذا بَالغ فِيهِ وَلم يدع جهدا (وَخص من بَينهم مُحَمَّدًا) أى أَن الله تَعَالَى خص من بَين الرُّسُل نَبينَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخصائص كَثِيرَة لَا تكَاد تَنْحَصِر ذكر الائمة غالبها فِي مؤلفاتهم المختصة بهَا وَقد أَشَارَ النَّاظِم رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى ذَلِك بِحَذْف الْمُتَعَلّق لِأَنَّهُ يُؤذن بِالْعُمُومِ فَقَالَ (فَلَيْسَ بعده نَبِي أبدا) أى إِن مِمَّا خصّه الله بِهِ أَنه خَاتم النَّبِيين فَلَا نَبِي بعده وَأَن الله تَعَالَى بَعثه إِلَى كَافَّة الْخلق من الْإِنْس وَالْجِنّ وَقد أفتى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى بِأَنَّهُ لم يبْعَث إِلَى الْمَلَائِكَة فَفِي تَفْسِير الإِمَام الرَّازِيّ والبرهان النَّسَفِيّ حِكَايَة الاجماع على أَنه لم يُرْسل إِلَيْهِم أما غَيره فَكَانَت رسَالَته خَاصَّة وَعُمُوم رِسَالَة نوح بعد الطوفان لانحصار البَاقِينَ فِيمَن كَانَ مَعَه فِي السَّفِينَة وَأَنه (فَضله على جَمِيع من سواهُ) من الْمُرْسلين والأنبياء وَالْمَلَائِكَة وَغَيرهم فَفِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنا سيد ولد آدم) وَيُؤْخَذ مِنْهُ تفضيله على آدم بِالْأولَى لِأَن أفضل الْأَنْبِيَاء وَالرسل أولو الْعَزْم وهم نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَنه ورد عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة) وخصها بِالذكر لظُهُوره لكل أحد بِلَا مُنَازعَة لقَوْله تَعَالَى {لمن الْملك الْيَوْم} وَنَوع الآدمى أفضل الْخلق فَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْخلق وَقد حكى الرَّازِيّ الاجماع على أَنه مفضل على جَمِيع الْعَالمين وَأما خبر (لَا تفضلونى على يُونُس لَا تفضلوا بَين الْأَنْبِيَاء) وَنَحْوهمَا فَهُوَ مَحْمُول على نهى عَن تَفْضِيل يفضى لنَقص بَعضهم فانه كفر أَو عَن تَفْضِيل فِي نفس النُّبُوَّة الَّتِى لَا تَتَفَاوَت فِي ذَوَات الْأَنْبِيَاء المتفاوتين بالخصائص أَو نهى عَن ذَلِك تأدبا وتواضعا أَو قبل علمه بِأَنَّهُ أفضل الْخلق وَبعده فِي التَّفْضِيل الانبياء ثمَّ الْمَلَائِكَة فخواص الْبشر أفضل من خَواص الْمَلَائِكَة وخواص الْمَلَائِكَة أفضل من عوام الْبشر وَعَامة الْبشر أفضل من عَامَّة الْمَلَائِكَة وهم أجسام لَطِيفَة لَهُم قُوَّة التشكل والتبدل قادرون على أَفعَال شاقة عباد مكرمون مواظبون على الطَّاعَة معصومون عَن الْمُخَالفَة وَالْفِسْق لَا يوصفون بذكورة وَلَا أنوثة

<<  <   >  >>